CESE

إدماج مبادئ الاقتصاد الدائري في تدبير النفايات المنزلية والمياه العادمة

إدماج مبادئ الاقتصاد الدائري في تدبير النفايات المنزلية والمياه العادمة

ASA-C4-022021-59-7158-ar

إن النموذج الحالي للإنتاج والاستهلاك له آثارٌ ضارةٌ وخطيرة على البيئة وجودة الحياة، لا سيما في مجالي تدبير النفايات المنزلية والمياه العادمة، موضوع دراسة المجلس، وذلك من خلال استنزاف الموارد الطبيعية النادرة وغير المتجددة، والتلوث وتفاقم حجم النفايات؛ وهو ما يكون له تداعيات سلبية على استدامة النمو الاقتصادي ببلادنا.

وعليه، يدعو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى اعتماد استراتيجية وطنية للانتقال نحو الاقتصاد الدائري لما له من مكاسب اقتصادية واجتماعية وبيئية  لبلادنا.

ملخص

إن‭ ‬رأي‭ ‬المجلس‭ ‬الاقتصـادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬عنوان‭ ‬‮«‬‭ ‬إدماج‭ ‬مبادئ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬معالجة‭ ‬النفايات‭ ‬المنزلية‭ ‬والمياه‭ ‬العادمة‮»‬،‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬يطرح‭ ‬إشكالية‭ ‬استدامة‭ ‬النموذج‭ ‬الخطي‭ ‬الحالي‭ ‬للإنتاج‭ ‬والاستهلاك‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬أساسا‭ ‬على‭ ‬سلسلة‭ ‬الإنتاج‭ ‬والاستهلاك‭ ‬ثم‭ ‬التخلص‭. ‬وهو‭ ‬نموذج‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬خطيرة‭ ‬على‭ ‬البيئة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬استنزاف‭ ‬الموارد‭ ‬الطبيعية‭ ‬والتلوث‭ ‬وتزايد‭ ‬النفايات‭ ‬مع‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬وتيرة‭ ‬النمو‭ ‬وإحداث‭ ‬مناصب‭ ‬الشغل‭.‬

ويشكل‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭ ‬حلا‭ ‬بديلا‭ ‬ونموذجا‭ ‬إيجابيا‭ ‬يتم‭ ‬فيه‭ ‬تصميم‭ ‬المنتجات‭ ‬بشكل‭ ‬يسمح‭ ‬بإعادة‭ ‬استعمالها‭ ‬أو‭ ‬تصنيعها‭ ‬أو‭ ‬تدويرها‭ ‬أو‭ ‬استعادتها،‭ ‬ومن‭ ‬ثمة‭ ‬المحافظة‭ ‬عليها‭ ‬ضمن‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والاستفادة‭ ‬منها‭ ‬لفترة‭ ‬أطول‭.‬

ويهدف‭ ‬هذا‭ ‬الرأي‭ ‬إلى‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الفرص‭ ‬التي‭ ‬سيتيحها‭ ‬إعمال‭ ‬مبادئ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬اعتمدت‭ ‬بلادنا‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الجديد‭.‬

وقد‭ ‬ارتأى‭ ‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬الانكباب‭ ‬على‭ ‬مجالين‭ ‬محددين‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الإحالة‭ ‬الذاتية،‭ ‬يكتسيان‭ ‬أهمية‭ ‬بالغة‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬وهما‭: ‬معالجة‭ ‬وإعادة‭ ‬تدوير‭ ‬النفايات‭ ‬المنزلية‭ (‬العضوية‭) ‬والمياه‭ ‬العادمة‭. ‬

إن‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬بلادنا‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تدبير‭ ‬النفايات‭ ‬المنزلية‭ ‬تظل‭ ‬جد‭ ‬محدودة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬المحرز،‭ ‬فإن‭ ‬تدبير‭ ‬النفايات‭ ‬المنزلية‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬يجري‭ ‬بأحجام‭ ‬كبيرة،‭ ‬دون‭ ‬فرز‭ ‬مسبق،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬تحويلها‭ ‬أمرا‭ ‬صعبا،‭ ‬ومكلفا‭ ‬وغير‭ ‬مربح‭ ‬بالنسبة‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬التقدم‭ ‬المحرز‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتطهير‭ ‬السائل،‭ ‬تظل‭ ‬إعادة‭ ‬استخدام‭ ‬المياه‭ ‬العادمة‭ ‬محدودة‭ ‬للغاية‭. ‬إذ‭ ‬بلغت‭ ‬نسبة‭ ‬إعادة‭ ‬استخدام‭ ‬المياه‭ ‬العادمة‭ ‬المعالجة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الصناعي‭ ‬17‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬ولسقي‭ ‬المساحات‭ ‬الخضراء‭ ‬51‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬سنة‭ ‬2020‭). ‬ويعزى‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬صعوبات‭ ‬التمويل‭ ‬وإلى‭ ‬الإكراهات‭ ‬العقارية‭ ‬وكذا‭ ‬غياب‭ ‬قوانين‭ ‬تنظيمية‭ ‬تتعلق‭ ‬بمآل‭ ‬الأوحال‭ ‬المتبقية‭ ‬وتفريغها‭. ‬إن‭ ‬بلادنا‭ ‬التي‭ ‬تصنف‭ ‬ضمن‭ ‬البلدان‭ ‬ذات‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬الضعيفة،‭ ‬مع‭ ‬متوسط‭ ‬​​توفر‭ ‬المياه‭ ‬للفرد‭ ‬الواحد‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬650‭ ‬متر‭ ‬مكعب‭ ‬وبتوزيع‭ ‬غير‭ ‬متساو‭ ‬للموارد‭ ‬المائية‭ ‬بين‭ ‬الجهات،‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬إلى‭ ‬تجويد‭ ‬مواردها‭ ‬المائية‭ ‬عبر‭ ‬إعادة‭ ‬استخدامها‭ ‬بشكل‭ ‬أمثل‭.‬

انطلاقا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التشخيص،‭ ‬يدعو‭ ‬المجلس‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاجتماعي‭ ‬والبيئي‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬استراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬للانتقال‭ ‬نحو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬يوصي‭ ‬المجلس‭ ‬باتخاذ‭ ‬التدابير‭ ‬التالية‭:‬

إعداد‭ ‬قانون‭ ‬إطار‭ ‬يتعلق‭ ‬بالاقتصاد‭ ‬الدائري‭ ‬وقانون‭ ‬ضد‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الهدر،‭ ‬مع‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬توجيه‭ ‬وتحيين‭ ‬المقتضيات‭ ‬القانونية‭ ‬الجاري‭ ‬بها‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬تسهيل‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬اقتصاد‭ ‬خطي‭ ‬إلى‭ ‬اقتصاد‭ ‬دائري‭. ‬

إحداث‭ ‬هيئة‭ ‬للتنسيق‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬المكلف‭ ‬بالاستثمار‭ ‬والالتقائية‭ ‬وتقييم‭ ‬السياسات‭ ‬العمومية،‭ ‬مهمتها‭ ‬تجسيد‭ ‬الطموح‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬الانتقال‭ ‬نحو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭. ‬وتتولى‭ ‬هذه‭ ‬الهيئة‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الأطراف‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ضمان‭ ‬تنزيل‭ ‬هذا‭ ‬الطموح‭ ‬وفق‭ ‬مقاربة‭ ‬قطاعية‭ ‬ثم‭ ‬ترابية‭.‬

تسريع‭ ‬إرساء‭ ‬مبدأ‭ ‬المسؤولية‭ ‬الموسعة‭ ‬للمنتجين‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬تفعيله‭ ‬مما‭ ‬من‭ ‬شأنه‭:‬

تفعيل‭ ‬مبدأ‭ ‬المُلوِّث‭-‬المؤدي؛

تحمل‭ ‬المنتجين‭ ‬لمسؤولية‭ ‬تنظيم‭ ‬وتمويل‭ ‬جمع‭ ‬ومعالجة‭ ‬النفايات؛

منع‭ ‬أنواع‭ ‬معينة‭ ‬من‭ ‬الملوثات‭ ‬الخطرة‭ ‬وفرض‭ ‬ضرائب‭ ‬على‭ ‬ملوثات‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬قابلة‭ ‬للتدوير‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬جعلها‭ ‬أقل‭ ‬تنافسية‭ ‬اقتصاديا‭ ‬للمنتجين‭.‬

جعل‭ ‬دعم‭ ‬الدولة‭ ‬للمجالات‭ ‬الترابية‭ ‬والقطاعات‭ ‬مرتبطا‭ ‬بتحقيق‭ ‬الطموحات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭.‬

بالنسبة‭ ‬للنفايات‭ ‬المنزلية‭:‬

مراجعة‭ ‬عقود‭ ‬التدبير‭ ‬المفوض‭ ‬التي‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬الجماعات‭ ‬والشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬شركات‭ ‬التنمية‭ ‬المحلية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إدماج‭ ‬عنصر‭ ‬التثمين‭ (‬عوض‭ ‬تخزين‭ ‬وطمر‭ ‬أو‭ ‬إحراق‭ ‬النفايات‭).‬

بالنسبة‭ ‬للمجالات‭ ‬الترابية،‭ ‬فرض‭ ‬أهداف‭ ‬تتعلق‭ ‬بتقليص‭ ‬التفريغ‭ ‬في‭ ‬المطارح‭ ‬حتى‭ ‬تصبح‭ ‬‮«‬خالية‭ ‬من‭ ‬النفايات‮»‬‭ ‬على‭ ‬المديين‭ ‬المتوسط‭ ‬والطويل‭.‬

بالنسبة‭ ‬للمياه‭ ‬العادمة‭:‬

مراجعة‭ ‬الخيارات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التي‭ ‬تفضل‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬تعبئة‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ (‬السدود‭ ‬أو‭ ‬تحلية‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭) ‬على‭ ‬حساب‭ ‬إعادة‭ ‬استعمال‭ ‬المياه‭ ‬العادمة‭ ‬أو‭ ‬تخزين‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار‭.‬

تحديد‭ ‬أهداف‭ ‬وطنية‭ ‬وترابية‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بإعادة‭ ‬استخدام‭ ‬المياه‭ ‬العادمة،‭ ‬تكون‭ ‬ملزِمة‭ ‬لجميع‭ ‬الأطراف‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقتضي‭ ‬إرساء‭ ‬إطار‭ ‬تشريعي‭ ‬ملزم‭ ‬للملوِّثين‭ ‬والمستعملين‭. ‬

جعل‭ ‬استخدام‭ ‬المياه‭ ‬العادمة‭ ‬المستعملة‭ ‬أكثر‭ ‬جاذبية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬تحديد‭ ‬الكلفة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للماء‭ ‬حسب‭ ‬مختلف‭ ‬مصادره‭.‬

إدراج‭ ‬إعادة‭ ‬استخدام‭ ‬المياه‭ ‬العادمة‭ ‬ضمن‭ ‬المهام‭ ‬المستقبلية‭ ‬للشركات‭ ‬الجهوية‭ ‬متعددة‭ ‬الخدمات‭ ‬مع‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬إدماجها‭ ‬في‭ ‬مخططات‭ ‬أعمالها‭ ‬منذ‭ ‬إنشائها‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الرأي،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬إعداده،‭ ‬وفق‭ ‬مقاربة‭ ‬تشاركية‭ ‬مع‭ ‬مجموع‭ ‬الأطراف‭ ‬المعنية،‭ ‬هو‭ ‬نتاج‭ ‬نقاشات‭ ‬موسعة‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬الفئات‭ ‬المكونة‭ ‬للمجلس،‭ ‬وخلال‭ ‬جلسات‭ ‬الإنصات‭ ‬المنظمة‭ ‬مع‭ ‬الفاعلين‭ ‬المعنيين‭ ‬وكذا‭ ‬عبر‭ ‬الاستشارات‭ ‬المواطنة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬المجلس‭ ‬على‭ ‬المنصة‭ ‬الرقمية‭ ‬أشارك‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬أَظْهَرَ‭ ‬المُواطنون‭ ‬والمواطنات‭ ‬الذين‭ ‬تفاعلوا‭ ‬بأجوبتهم‭ ‬واقتراحاتهم‭ ‬ومساهماتهم‭ ‬مع‭ ‬الاستشارة‭ ‬اهتمامًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬بموضوع‭ ‬الانتقال‭ ‬نحو‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الدائري‭ ‬في‭ ‬المغرب،‭ ‬بل‭ ‬وأعربوا‭ ‬عن‭ ‬استعدادهم‭ ‬للانخراط‭ ‬في‭ ‬الأنشطة‭ ‬الكفيلة‭ ‬بتغيير‭ ‬نمط‭ ‬الاستهلاك‭ ‬الحالي‭. ‬وتؤكد‭ ‬نتائج‭ ‬هذه‭ ‬الاستشارة‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬هذا‭ ‬التشخيص‭ ‬والتوصيات‭ ‬الوارِدَين‭ ‬في‭ ‬الرأي‭.‬

تحميل الرأي

PDF
العربية
PDF
Français

تحميل الملخص

PDF
العربية
PDF
Français
PDF
English

قد تحظى باهتمامكم المواضيع التالية :

آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد الطبيعية (الموارد المائية والمقالع)
شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين "NEET": أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي ؟
من أجل مجتمعٍ متماسكٍ خالٍ من التسول