طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي رقم 128.12 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لا سيما في مادتيه 4 و 7، توصل المجلس بإحالة من السيد رئيس مجلس النواب بتاريخ 16 يوليوز 2025 من أجل إبداء الرأي بشأن مشروع القانون رقم 026.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة.
وفي هذا الإطار، عهد مكتب المجلس بتاريخ 17 يوليوز 2025 إلى اللجنة الدائمة المكلفة بمجتمع المعرفة والإعلام بإعداد مشروع رأي في الموضوع.
وخلال دورتها العادية الرابعة والسبعين بعد المائة (174) المنعقدة بتاريخ 25 شتنبر 2025، صادقت الجمعية العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالأغلبية على هذا الرأي.
وقد جاء هذا الرأي، الذي جرى إعداده وفق مقاربة تشاركية، ثمرة نقاشات موسعة بين مختلف الفئات المكونة للمجلس، ومخرجات جلسات الإنصات المنظمة مع أبرز الفاعلين المعنيين.
توصل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بتاريخ 16 يوليوز 2025 بإحالة من مجلس النواب قصد إعداد رأي حول مشروع القانون رقم 026.25 يتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة. وقد جاء هذا الرأي، الذي جرى إعداده وفق مقاربة تشاركية، ثمرة نقاشات موسعة بين مختلف الفئات المكونة للمجلس، فضلا عن مخرجات جلسات الإنصات المنظمة مع أبرز الفاعلين المعنيين. وقد صادقت الجمعية العامة للمجلس بالأغلبية على هذا الرأي في دورتها العادية المنعقدة بتاريخ 25 شتنبر 2025.
يُعتبر التنظيم الذاتي لقطاع الصحافة والنشر ببلادنا، من خلال مؤسسة مستقلة ومنتخبة، منجزاً متقدماً في سجل الحقوق والحريات التي أتى بها دستور 2011، والذي نص الفصل 28 منه على أن “حرية الصحافة مضمونة، ولا يمكن تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية”.
ويُعد المغرب من البلدان العربية والإفريقية السبَّاقة إلى اعتماد هذه الآلية بموجب نص تشريعي عبر إحداث المجلس الوطني للصحافة ، الذي يعهد إليه أساسا بالحرص على النهوض بأخلاقيات المهنة ومواكبة تطور القطاع في إطار حكامة ذاتية بكيفية مستقلة وعلى أسس ديمقراطية .هذا، وبعد انقضاء الولاية الانتدابية الأولى للمجلس الوطني للصحافة، تعذر على أجهزته الداخلية إجراء الانتخابات في موعدها المحدد نظرا لغياب مادة في القانون المنظم للمجلس تحدد صراحة الجهة الداعية لإجراء الانتخابات. وأمام هذا الوضع، ارتأى القطاع الحكومي المكلف بالتواصل العودة إلى مسطرة التشريع بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وذلك من خلال التقدم بمشروع قانون جديد رقم 026.25 من شـأنه أن ينسخ القانون الحالي.
ولدى دراسة مشروع القانون موضوع الإحالة، وقف المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي عند عدد من المقتضيات التي لا تزال تثير جملة من التساؤلات، تهم الجوانب التالية على الخصوص:
- مدى تمثيلية المجتمع المدني أو الجمهور في تركيبة المجلس
- تباين في طريقة اختيار الأعضاء، من خلال النص على آلية الانتخاب بالنسبة لممثلي الصحفيين والانتداب بالنسبة لممثلي الناشرين
- عدم التوازن العددي بين ممثلي الناشرين والصحفيين (9 ناشرين مقابل 7 صحفيين)
- تركيز هندسة مشروع القانون على المادة التأديبية، دون تحديد دقيق للخطأ المهني ولمفاهيم الإخلال بأخلاقيات المهنة، ودون إيلاء اهتمام متوازن ومتناسب للمقتضيات المتعلقة بمهام الوساطة بين المهنيين لما تكتسيه من أهمية.
كما لاحظ المجلس أن مشروع القانون لم يواكب بالقدر الكافي التحديات الاقتصادية والتكنولوجية التي تشهدها المقاولات الصحفية المكتوبة والتي زادت من حدة هشاشتها تداعيات الأزمة الصحية، ومنافسة المنصات الرقمية، والانتشار الواسع لشبكات التواصل الاجتماعي.
وفي هذا الصدد، يرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن مواصلة النقاش والتشاور مع الأطراف المعنية من شأنها أن تفضي إلى توافق أوسع حول مشروع قانون يُتَطَلَّع أن يمكِّن المجلس الوطني للصحافة من المصداقية اللازمة ووسائل العمل والتدبير الضرورية للاضطلاع بمهامه الأساسية في التنظيم الذاتي والوساطة بشكل فعّال وناجع ودامج.
انطلاقًا من هذا التشخيص الذي يتقاسمه العديد من الفاعلين الذين جرى الإنصات إليهم، خرج المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بعدد من التوصيات، نذكر من بينها ما يلي:
- تعزيز حضور الجمهور في تركيبة المجلس الوطني للصحافة مع الإبقاء على عضوية ممثلي المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، وجمعية هيئات المحامين، واتحاد كتاب المغرب، وتوسيع التركيبة لتشمل جمعيات حماية المستهلك، والجمعيات النشيطة في مجال محاربة الأخبار الزائفة والتحقق من صحة المعلومات (fact-checking).
- إضافة فئة رابعة إلى تركيبة المجلس الوطني للصحافة، تسمى “فئة الحكماء” تضم عضوين من الناشرين الحكماء وعضوين من الصحفيين الحكماء مع تحديد معايير موضوعية لاختيارهم. وستمكن إضافة هذه الفئة من المحافظة على التوازن العددي بين الصحافيين والناشرين، واحترام فلسفة التنظيم الذاتي باعتباره آلية “للتحكيم من قبل الأقران” تتطلب الحيادية والتجرد في اتخاذ القرارات، وأن تكون هذه الأخيرة ذات مشروعية.
- بالنسبة لممثلي الصحافيين: اعتماد نمط الانتخاب باللائحة وبالتمثيل النسبي من أجل ضمان تمثيلية للصحافيين تعكس ما يطبع الجسم الصحفي من تعددية وتنوع
- اعتماد نفس النمط الانتخابي بالنسبة لممثلي الناشرين، مع وضع معايير ترشيح موضوعية وملزمة (كمية ونوعية)، بما يراعي التعددية ويضمن تمثيلية الناشرين الصغار.
- إقرار التمثيلية النسائية والسعي إلى المناصفة في مختلف الفئات المكونة للمجلس، مع اعتماد مقاربة النوع في تشكيل مختلف هياكل المجلس.
- تعزير آليات الوساطة والتحكيم لتفادي قدر الإمكان اللجوء إلى العقوبات التأديبية في حق الصحافيين والمؤسسات الصحافية، أو اللجوء إلى المساطر القضائية، مع العمل على التعريف الدقيق بالخطأ المهني.
- الإسراع في إعداد أو تحيين ميثاق أخلاقيات المهنة، مع إشراك جميع الفئات الممثلة في المجلس الوطني للصحافة، من أجل توضيح المفاهيم المتعلقة بالإخلال بهذا الميثاق.
- النظر في إمكانية توسيع اختصاصات المجلس الوطني للصحافة لتشمل : 1) إنجاز دارسات حول استشرافية حول مستقبل قطاع الصحافة إزاء التحولات الناجمة عن الذكاء الاصطناعي وشبكات التواصل الاجتماعي، 2) العمل على تحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للصحفيين في إطار الحوار الاجتماعي القطاعي، 3) الانفتاح على صناع المحتوى والمؤثرين والصحفيين – المواطنين عبر برامج للتحسيس والتكوين المستمر والتأطير، بما يضمن احترام الأخلاقيات ويسهم في تعزيز مصداقية وجودة المحتوى الإعلامي.
إن لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قناعة راسخة بأهمية إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة نظرا لدوره المحوري في التنظيم الذاتي للقطاع. ويرى المجلس أنه من أجل ضمان الاستمرارية المؤسساتية وضرورة الإصلاح في الآن ذاته، فقد كان من الأنجع في مرحلة أولى إجراء تعديلات محدودة على القانون 90.13 القاضي بإحداث المجلس الوطني للصحافة، تهم كيفيات تنظيم انتخابات أعضاء المجلس الوطني للصحافة، مع العمل على إطلاق مسلسل تشاوري موسع من أجل بلورة إصلاح شامل ومتوافق عليه لمجموع النصوص القانونية المشكلة لمدونة الصحافة والنشر (القانون المتعلق بالمجلس الوطني للصحافة، القانون المتعلق بالصحافة والنشر، القانون المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين). ذلك أنها منظومة مترابطة تقتضي مراجعة تشريعية متزامنة، من أجل أن تواكب التطورات المعيارية في مجالات حرية التفكير والتعبير والرأي، مع الاستجابة للتحديات التي تواجه الصحافة، سواء على مستوى أخلاقيات المهنة، واستدامة النموذج الاقتصادي للمقاولة الناشرة.