يقترح التقرير المعنون «من أجل ميثاق اجتماعي جديد : معايير يتعين احترامها، وأهداف يجب التعاقد عليها»، والذي تمت المصادقة عليه بإجماع أعضاء المجلس خلال الدورة العادية المنعقدة بتاريخ 28 نوفمبر 2011، مرجعية دينامية ترمي إلى تهيئة السبل نحو ميثاق اجتماعي جديد. وتقوم هذه المرجعية على الحقوق التي يكرسها الدستور الجديد
يخلص هذا التقرير إلى أن ظاهرة شيخوخة الساكنة أصبحت واقعا فعليا تؤكده الأرقام والإحصائيات، وبالتالي يتعيـن وضع سياسة عمومية تأخذ في الاعتبار حقوق الأشخاص المسنين مـن حيـث صيانة كرامتهم وتعزيز مشاركتهم واندماجهم الاجتماعي.
وقد بلغ عدد الأشخاص الذين يتجاوز عمرهـم 60 سنة فـي المغرب 3 ملايين شخص، 52 في المائة منهـم مـن النساء، مقابل 48 فـي المـائـة مـن الـرجـال. وتتميز هذه الفئة العمرية بضعـف المستوى التعليمي وبهشاشـة الوضعية السوسيو اقتصادية والصحية، إذ إن 7 مـن بيـن 10 شخص مســن يعـانـون مـن الأميـة، وأغلبهـم ذو دخـل متواضع وتقريبا شخص مسـن واحـد مـن بيـن 10 فـي وضعيـة فـقـر، وأكثـر مـن النصـف مـصـاب على الأقل بـمـرض واحـد مـزمـن ولا يستفيد من العناية الصحية. ولا يستفيد من التغطية الاجتماعية والصحيـة سـوى شخص واحد مـن أصـل خمسة أشخاص مسنين. أضف إلى ذلك اضطرار بعض الأشخاص المسنين إلى مواصلة العمل، معاستمرار تبعيتهـم للغيـر فـي تلبيـة كل حاجياتهم الأساسية، بسبب مبلغ المعاش الزهيـد الـذي يتلقونه، أو لعـدم استفادتهم من التغطية الاجتماعية، وما زالت الأسرة، وخاصة النساء داخلهـا، تضطلـع بـدور أساسي في التكفـل بالأشخاص المسنين، والحال أن التحاق النساء المتزايد بسوق العمل سيضع حتما التضامن الأسـري أمام امتحان صعب. وفيمـا يخـص مراكز الإيواء، فإن البنيات التحتية لا تتناسب غالبـا مـع احتياجات الأشخاص المسنين.
ولا يراعى في تهيئة المجال العمومي توفير بنيـات تحتية وأماكـن عيـش متلائمة مع الأشخاص المسنين، بحيث تسهل حركيتهم وتتيح لهـم تحقيق ذاتهـم والانخراط الفاعل في الحياة الاجتماعية، ويتعرض الأشخاص المسنون المهاجرون لأوجه تمييز متعددة تؤثر في اندماجهم الاجتماعي، ويعانون أيضـا مـن تبعات عدم تحييـن الاتفاقيات الثنائية المبرمة بين المغرب وبلدان الاستقبال مما يجعلها متجاوزة لا تستجيب للحاجيات المستجدة.
بناء على ما سبق، يوصي المجلس بوضع سياسة عمومية مندمجة في مجال حماية الأشخاص المسنين تنتظم حول المحاور الأساسية الآتية:
- توسيع دائرة الاستفادة من الضمان الاجتماعي والتغطية الصحيـة كـي تشمل الأشخاص المسنين، وخاصـة أولئك الذين لا يتوفرون على دخـل أو يتلقـون معاشـا زهـيـدا (تطوير شبكات التضامن الاجتماعي، خاصـة مـن خلال إنشاء صندوق معـاش الشيخوخة لفائدة الأشخاص المسنين الذين لا يستفيدون مـن نـظـام الضمـان الاجتماعي ولا يتوفرون على دخـل ولا يمكنهم الاعتماد على الدعم الأسري؛ تطبيق المادة 5 من القانـون 65.00 المتعلق بالتأمين الإجباري عن المرض التي تنص على إصدار مرسـوم تطبيقي متعلق بتمديد الاستفادة مـن التأمين الإجباري عـن المـرض لتشمل أبـوي المستفيد .
- تعديل الإطار القانوني والمؤسسـاتـي عبـر وضـع تشريعات تحمـي الأشخاص المسنين ضـد أشكال التمييز والإهمال والمعاملة السيئة والعنـف؛
- تحسين التكفل بالأشخاص المسنين عبـر وضـع بنيات مناسبة وبرامج للتكوين لفائدة المساعدين العائليين الذين يتكفلـون بالأشخاص المسنين في وضعية تبعيـة للغير، وإعادة تأهيل مراكز الإيواء الحاليـة مـن أجـل تحسين شروط عيـش الأشخاص المسنين؛
- ابتکار بدائـل عـن تكفـل مؤسسات الرعاية بالأشخاص المسنين، بالحرص أولا على إبقاء الشخص المسـن فـي كنف أسرته فـي حـدود الإمكان، بحيث يصبح اللجوء إلى مؤسسة للرعاية الاجتماعيـة آخـر الحلول الممكنة؛
- تحسين الولوجيـات عبـر تضميـن القوانين المتعلقة بالبنايات العمومية أو الخاصة وبتهيئة المجال العمومي بشكل صريـح كل المقتضيات الكفيلة بضمـان ولـوج الأشخاص المسنين وتنقلهـم وسلامتهم؛
- دعم الأشخاص المسنين المقيمين في الخارج ومواكبتهـم مـن خـلال السعي لـدى حكومات بلدان الاستقبال مـن أجل مراجعة الاتفاقيات الثنائية المتعلقة بحقوق المهاجرين المغاربة المقيمين بالخارج، وخاصـة فـي مجـال السكن والتغطية السوسيو صحية وتحويل معاش التعاقد متى قرروا الاستقرار في بلدهم الأصلي.