CESE

تحسين منظومة التكفل بالمستعجلات الطبية من أجل الحفاظ على الحياة البشرية وإنقاذها وضمان علاجات ذات جودة للجميع

تحسين منظومة التكفل بالمستعجلات الطبية من أجل الحفاظ على الحياة البشرية وإنقاذها وضمان علاجات ذات جودة للجميع

ASA-C3-092022-68-ar

من خلال هذا الرأي، المنجز في إطار إحالة ذاتية، أجرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تحليلا مفصلا وموضوعيا لواقع حال منظومة المستعجلات الطبية ببلادنا. ومن ثم اقترح المجلس، الذي يولي اهتماما متزايدا بالمواضيع المرتبطة ارتباطا وثيقا برفاه المواطنين والمواطنين، عددا من التوصيات الرامية إلى تحسين التكفل بالمستعجلات الطبية، بما يمكن من حماية وإنقاذ الحياة البشرية والمساهمة في ضمان علاجات ذات جودة للجميع.

ملخص

من خلال هذا الرأي، المنجز في إطار إحالة ذاتية، أجرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تحليلا مفصلا وموضوعيا لواقع حال منظومة المستعجلات الطبية ببلادنا. ومن ثم اقترح المجلس، الذي يولي اهتماما متزايدا بالمواضيع المرتبطة ارتباطا وثيقا برفاه المواطنين والمواطنين، عددا من التوصيات الرامية إلى تحسين التكفل بالمستعجلات الطبية، بما يمكن من حماية وإنقاذ الحياة البشرية والمساهمة في ضمان علاجات ذات جودة للجميع. وقد صادقت الجمْعية العامة للمجلس على هذا الرأي بالإجماع بتاريخ 30 مارس 2023.

تشكل سلسلة المستعجلات الطبية مكوِّناً أساسياً في منظومة الصحة العمومية، يسعى في المقام الأول إلى حفظ الحق في الحياة. وتُعد جودة التكفل بالمستعجلات الطبية شرطا أساسيا لتحقيق طموح بلادنا في احتضان التظاهرات الدولية الكبرى، والنهوض بقطاع السياحة وجلب الاستثمارات الأجنبية، إلخ.

لكن على الرُّغْمِ من الجُهودِ المبذولة خلال السنواتِ العشرينَ الأخيرة من طَرَف السلطات العمومية الصحية للنهوض بهذا القطاع (إحداثُ تخصص طِبِّ المستعجلات، وإعادة تنظيم المستعجلات الطبية في إطار شبكات، وتطويرُ خدمات المساعدة الطبية المستعجلة (SAMU) والخدماتُ المتنقلة للمستعجلات والإنعاش الطبي (SMUR)، وغير ذلك)، يلاحظ أنّ جودةَ التكفلِ بالمستعجلاتِ الطبية تبقى دون مستوى الحاجبات والانتظارات وغير مستجيبة بالقدر الكافي للمعايير المعمول بها على الصعيد الدولي.

وفي هذا الصدد، تم الوقوف في سياق تشخيص واقع الحال على عدد من أوجه القصور التي تعتري سلسلة المستعجلات الطبية، نذكر منها:

  • ضُعف التنظيم الطبي (régulation médicale) مِنْ قِبَل خدماتِ المساعدة الطبية المُستعجلة (SAMU)، التي تتمثلُ أهدافُها في ضمانِ إنصاتٍ طبّي دائم، وتوجيهِ المريض أو المُصَاب، وتقديم الرَّدِّ المناسب، والعمل عند الاقتضاء على تنظيم عملية النقل نحو مؤسسة لتقديم العلاجات الطبية، ووضع وتنفيذ مخططات الإغاثة. إِلاَّ أَنه يُلاَحَظُ أن هذه الخدمة العمومية (SAMU) تَبْقَى غيرَ معروفةٍ بالقَدْرِ الكافي، وغير منفتحة على القطاع الاستشفائي الخاص، وغيرَ مُتاحَةٍ في ثلاثِ جهات، وتُعاني من محدودية الموارد البشرية والوسائل اللوجستيكية المَرْصُودة لها؛
  • مَواطِنُ قُصُورٍ على مستوى قطاع النقل الصحي العمومي والخاص، وهو ما قدْ يفاقم أحياناً الحالة الصحية للمرضى والمُصَابين. وإضافة إلى ذلك، فإنّ نقل المُصَابين وضحايا حوادث السير في الطريق العمومية هو اختصاصٌ مَوْكُولٌ بشكلٍ حَصْري إلى جهازِ الوقاية المدنية بِمُوجِبِ مَنْشورٍ وزاري يَعُودُ إلى سنة 1956، وهو ما يَحُولُ دونَ تَدَخُّلِ سيارات الإسعاف التابعةِ للخدمات المتنقلة للمستعجلات والإنعاش الطبي (SMUR)، عِلماً أنَّها مُجهزَةٌ بشكلٍ أفضل لنقل الضحايا الذين قد يعانون من صدمات أو كُسُورٍ مُرَكَّبة  (polytraumatisées )؛
  • محدودية التنسيق بين مصالح الوقاية المدنية والمراكز الاستشفائية الجامعية والمستشفيات الإقليميةوالمصحات الخاصة والجماعات الترابية، لا سيما في مجال التكفل ما قبل الاستشفائي
  • غِيابُ معايير إلزاميةٍ للقطاعيْن العمومي والخاص بشأن المنشآت والتجهيزات وآليات تنظيم مصالح المستعجلات الطبية؛
  • الضغط الكبير على أقسام الإنعاش بالقطاع العمومي، جراء جملة من الاختلالات من قبيل نقص التنسيق بين مكونات مسار العلاجات، توافد عدد كبير من الحالات الطبية غير المستعجلة على أقسام المستعجلات، إلخ؛
  • خَصَاصٌ في الموارد البشرية الطبية وشبه الطبية المُؤَهَّلة والمُتَخَصِّصة (بعد مرور أزيد من 20 سنة على إحداثِ تَخصص طِبِّ المستعجلات، لا يتوفَر المغرب سوى على 29 طبيباً في هذا التخصص). وفي أغلب الحالات، فإن أقسام المستعجلات يُدَبِّرُها عاملون غير متخصصين في هذا المجال، أو أنَّهُم في طوْرِ التكوين التَخَصُّصِي (الأطباء الداخليون)؛
  • نَقْص في إعلام وتحسيس وتكوين المواطنات والمواطنين فيما يتعلق بالإسعافات الأولية، وكذا أجهزة ومعدات الإسعاف (خِزَانَة الأدوية، حقيبة الإسعافات الأولية، أجهزة الإنعاش القلبي، إلخ).

انطلاقاً من هذا التشخيص، يَقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي جملةً من التوصيات الرّامية إلى الارتقاء بخدمات التكفُّل في مجال المستعجلات الطبية وِفْقًا للمعايير النوعية الستَّةِ التي تَعْتَمِدُها منظمةُ الصحة العالمية (الأمان، والفعّالية، والتركيزُ على المريض، وتقديم العلاج بدون تأخير، والنجاعة، والإنصاف).

ويتعلق الأمر على وجه الخصوص بالعمل على ما يلي:

  • تعزيز التعاون والتعاقد بين خدمة المساعدة الطبية المستعجلة والوقاية المدنية والمراكز الاستشفائية الجامعية والمستشفيات الإقليميةوالمصحات الخاصة والجماعات الترابية،  في مجال تنظيم عمليات الإسعاف والنقل والتكوين ومحاكاةِ مختلِف أشكال التدخلات أثناء الكوارث، إلى جانب تطوير وتنفيذ مشاريعِ بنيات تحتية خاصة بمجال الإسعاف.
  • تزويد خدمة المساعدة الطبية المستعجلة (SAMU) بما يَلزَم من مُعَدَّاتٍ لوجستيكية ومواردَ بشرية ومالية وتوسيعِ نطاق عملها لتشمل الإسعاف في الطريق العام، بتنسيق وثيق مع مصالح الوقاية المدنية، وتخويلها إمكانية نقل المرضى إلى المؤسسات الطبية الخاصة. ويجب أن تكون خدمة المساعدة الطبية المستعجلة (SAMU) نقطةَ الاتصال الوحيدة لأيّ شخص يوجد في حالةٍ صحيةٍ حرجةٍ، يُوَجَّه عبرها إلى المؤسسة الطبية، سواء كانت خاصة أو عمومية، الأقرب إليه والأكثر ملاءمة لحالته الصحية.
  • العملُ على الاستثمارِ الأَمْثَلْ للتكنولوجيا الرقمية في ضَبْطِ وتنظيمِ التكفلِ بالمستعجلات الطبية (الاستشارة الطبية عن بعد téléconsultation وخِدمة الخبرة عن بعد téléexpertise…إلخ).
  • تنظيم قطاع النقل الصحي من خلال تقنينه وتشجيع الخواص على الانتظام في إطار تعاونيات أو مقاولات صغرى والارتقاء بها إلى شركات متوسطة وكبرى.
  • إعداد دفاتر تَحَمُّلات تُشَكِّل إطاراً مَرْجعياً إلزاميا يُطبَّق على المؤسسات الاستشفائية في القطاعين العام والخاص، بشأن المنشآت والتجهيزات والموارد البشرية وتنظيم أقسام المستعجلات الطبية.
  • إدراج التكفل بالخدمات العلاجية المنجزة بالمستعجلات الطبية في إطار نظام “الثالث المؤدّي” (tiers-payant) لتفادي أن يضطر المؤَمن إلى أداء مجموع التكاليف مسبقا في انتظار استرجاع المصاريف.
  • تنمية الموارد البشرية العاملة بالمستعجلات الطبية وتثمين دورها، لا سيما من خلال النهوض بالتكوين المتخصِّص في مجال الطب الاستعجالي والإقرار بالطبيعة الشاقة لهذا المجال الطبي عبر وضع تدابير تحفيزية (رفع الأجور ومنح تعويضات مالية خاصة إلخ)
  • إلزامُ الإدارات والمؤسسات التي تستقبل العموم بالتوفر على أجهزةِ الإسعافات الأولية ( مِثْل جهاز الإنعاش القلبي défibrillateurs وتكوين العاملين على استعمالها،  ووضعِ تطبيقٍ رقمي يتيح تحديد الموقع الجغرافي لهذه الأجهزة للاستعانة بها عند الاقتضاء من قبل السلطات الطبية الاستعجالية.
  • إعلام وتحسيس وتكوين الساكنة حول السلوكات الصحية الموحدة الواجب تبنيها بشكل تلقائي في الحالات المستعجلة وحول تقنيات الإسعافات الأولية.

إن هذا الرأي، الذي تم إعداده وفق منهجية تشاركية، هو نتاجُ نقاشات موسعة بين مختلف الفئات المكوِّنة للمجلس، وجلسات الإنصات التي تم تنظيمها مع الفاعلين المعنيين بهذا الموضوع، فضلاً عن الاستشارة المواطنة التي أطلقها المجلس على المنصة الرقمية “أشارك” (ouchariko.ma). وتتلخص أهم نتائج الاستشارة، التي بلغ عدد التفاعلات معها  79233،  منها 621 إجابة على الاستبيان، في ما يلي:

  • صرَّح غَالِبِيَةُ المشاركين (حوالي 93 في المائة) أنه سبق لهم اللجوء إلى منظومة المستعجلات الطبية.
  • يرى حوالي 20 في المائة فقط من المشاركين أنّ خدمات المساعدة الطبية المستعجلة (SAMU) هي الجهة التي ينبغي الاتصالُ بِها في حالةِ المستعجلات الطبية.
  • صَرَّحَ غَالِبِيَةُ المشاركين (88 في المائة) بأنهم استعملوا وسيلة نقل عادية (سيارة شخصية أو وسيلة نقل عمومية) للتنقل إلى المستشفى في حالةٍ مستعجلة.
  • أكد حوالي 22 في المائة فقط من المشاركين أنهم استعملوا سيارة الإسعاف، حيث صرح 78 في المائة منهم أنهم استعملوا سيارة الإسعاف العمومية، بينما أفاد 80 في المائة منهم أن سيارات الإسعاف كانت غيرَ مُجهَّزةٍ.
  • وفي ما يتعلق بمدة الانتظار، فإن التكفل كان فوريا بالنسبة لحوالي 12 في المائة من الإجابات. وأكثر من نصف الحالات تم في غضون ساعة واحدة . وحوالي 12 في المائة اضطرت للانتظار أربع (4) ساعات.
  • أبدى المشاركون عَدَمَ رِضاهُم عن منظومة المستعجلات الطبية، حيث أشَارُوا إلى أنهم تَضَرَّرُوا من نقص الأدوية أو اللَوَازم الطبية ( 82 في المائة)، أو لِوجودِ أجهزةٍ طبيةٍ مُعَطَّلَة ( 81 في المائة)، أو لغياب الطبيب المُداوِم ( 74 في المائة).
  • أشار المشاركون أيضاً إلى وجود مشاكل متعلقة بالرشوة وبعض أشكال التمييز للحصول على العلاج. 58 في المائة من الحالات اعتبرت أنها تعرضت لتمييز سلبي بسبب مستواها الاجتماعي.

تحميل الرأي

PDF
العربية
PDF
Français

تحميل الملخص

PDF
العربية
PDF
Français

أطلق المجلس استشارة مواطنة عبر منصته الرقمية “أشارك” (ouchariko.ma) حول هذا الموضوع

إن هذا الرأي، الذي تم إعداده وفق منهجية تشاركية، هو نتاجُ نقاشات موسعة بين مختلف الفئات المكوِّنة للمجلس، وجلسات الإنصات التي تم تنظيمها مع الفاعلين المعنيين بهذا الموضوع، فضلاً عن الاستشارة المواطنة التي أطلقها المجلس على المنصة الرقمية “أشارك” (ouchariko.ma). وتتلخص أهم نتائج الاستشارة، التي بلغ عدد التفاعلات معها  79233،  منها 621 إجابة على الاستبيان، في ما يلي:

  • صرَّح غَالِبِيَةُ المشاركين (حوالي 93 في المائة) أنه سبق لهم اللجوء إلى منظومة المستعجلات الطبية.
  • يرى حوالي 20 في المائة فقط من المشاركين أنّ خدمات المساعدة الطبية المستعجلة (SAMU) هي الجهة التي ينبغي الاتصالُ بِها في حالةِ المستعجلات الطبية.
  • صَرَّحَ غَالِبِيَةُ المشاركين (88 في المائة) بأنهم استعملوا وسيلة نقل عادية (سيارة شخصية أو وسيلة نقل عمومية) للتنقل إلى المستشفى في حالةٍ مستعجلة.
  • أكد حوالي 22 في المائة فقط من المشاركين أنهم استعملوا سيارة الإسعاف، حيث صرح 78 في المائة منهم أنهم استعملوا سيارة الإسعاف العمومية، بينما أفاد 80 في المائة منهم أن سيارات الإسعاف كانت غيرَ مُجهَّزةٍ.
  • وفي ما يتعلق بمدة الانتظار، فإن التكفل كان فوريا بالنسبة لحوالي 12 في المائة من الإجابات. وأكثر من نصف الحالات تم في غضون ساعة واحدة . وحوالي 12 في المائة اضطرت للانتظار أربع (4) ساعات.
  • أبدى المشاركون عَدَمَ رِضاهُم عن منظومة المستعجلات الطبية، حيث أشَارُوا إلى أنهم تَضَرَّرُوا من نقص الأدوية أو اللَوَازم الطبية ( 82 في المائة)، أو لِوجودِ أجهزةٍ طبيةٍ مُعَطَّلَة ( 81 في المائة)، أو لغياب الطبيب المُداوِم ( 74 في المائة).
  • أشار المشاركون أيضاً إلى وجود مشاكل متعلقة بالرشوة وبعض أشكال التمييز للحصول على العلاج. 58 في المائة من الحالات اعتبرت أنها تعرضت لتمييز سلبي بسبب مستواها الاجتماعي.

قد تحظى باهتمامكم المواضيع التالية :

الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬بالمغرب‭ : ‬أي‭ ‬استخدامات‭ ‬وأي‭ ‬آفاق‭ ‬للتطوير؟
تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض: حصيلة مرحلية / تقدم اجتماعي ينبغي تعزيزه وتحديات يتعين رفعها
من‭ ‬أجل‭ ‬تدبير‭ ‬ناجع‭ ‬واسْتِباقي‭ ‬لمخاطر‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ : ‬أدوار‭ ‬وقدرات‭ ‬الفاعلين الترابيين