CESE

الإحالات الذاتية

مقاربة مندمجة للحد من حجم الاقتصاد غير المنظم بالمغرب

مقاربة مندمجة للحد من حجم الاقتصاد غير المنظم بالمغرب

ASA-C1-052020-54-7079-ar

يظل الاقتصاد غير المنظم، بمعناه الواسع، ظاهرة مستعصية في المنظومة الاقتصادية المغربية، ومصدرَ قلق، بحيث يصل حجمها إلى نحو 30 في المائة من الناتج الدّاخلي الإجمالي حسب معطيات بنك المغرب لسنة 2018. وتذهب تقديرات المؤسسات الوطنية الدولية إلى أن نسبة تتراوح بين 60 و 80 في المائة من الساكنة النشيطة المشتغلة بالمغرب تزاول أنشطة تندرج ضن الاقتصاد غير المنظم.

في هذا الرأي يُبْرِزُ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن الاقتصاد غير المنظم بهذا المفهوم الواسع يتسم بتعدد مكوناته والفئات التي يشتمل عليها. غير أنه تجدر الإشارة إلى أن أشكال الاقتصاد غير المنظم، باستثناء الاقتصاد غير المنظم المعيشي، تشكل تهديدا حقيقيا لبلادنا، من قبيل التهريب والأنشطة الاقتصادية المستترة التي تمارسها مقاولات مهيكلة.

ملخص

يسلط المجلس الضوء في هذا التقرير، الذي جرت المصادقة عليه بالإجماع خلال الدورة العادية 123 للجمعية العامة للمجلس المنعقدة في 30 يونيو 2021، على موضوع ذي طابع معقد وذلك بالنظر لوزن الاقتصاد غير المنظم في المنظومة الاقتصادية الوطنية وتعدد أسبابه وتأثيراته على الاقتصاد والمجتمع المغربي.

ويظل الاقتصاد غير المنظم، بمعناه الواسع، ظاهرة مستعصية في المنظومة الاقتصادية المغربية، ومصدرَ قلق، بحيث يصل حجمها إلى نحو 30 في المائة من الناتج الدّاخلي الإجمالي حسب معطيات بنك المغرب لسنة 2018. وتذهب تقديرات المؤسسات الوطنية والدولية إلى أن نسبة تتراوح بين 60 و 80 في المائة من الساكنة النشيطة المشتغلة بالمغرب تزاول أنشطة تندرج ضمن الاقتصاد غير المنظم.

في هذا الرأي يُبْرِزُ المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن الاقتصاد غير المنظم بهذا المفهوم الواسع يتسم بتعدد مكوناته والفئات التي يشتمل عليها. غير أنه تجدر الإشارة إلى أن أشكال الاقتصاد غير المنظم، باستثناء الاقتصاد غير المنظم المعيشي، تشكل تهديدا حقيقيا لبلادنا، من قبيل التهريب والأنشطة الاقتصادية المستترة التي تمارسها مقاولات مهيكلة (التصريح الناقص برقم المعاملات وبعدد الأجراء، إلخ)، بالإضافة إلى الوحدات الإنتاجية غير المنظمة المنافسة للقطاع المنظم والتي تتملص عمدا من التزاماتها الاجتماعية والضريبية رغم توفرها على الموارد اللازمة لذلك.

لقد أطلقت السلطات العمومية العديد من البرامج الرامية إلى الإدماج المباشر أو غير المباشر للقطاع غير المنظم. غير أن المبادرات المتخذة لم تكن كافية للحد من حجم الاقتصاد غير المنظم.

وهناك العديد من العوامل التي يمكن أن تفسر استمرار القطاع غير المنظم بالمغرب، نذكر منها على وجه الخصوص : 1) مستوى التأهيل غير الكافي الذي يُقْصِي العديد من السكان النَشِّيطِينَ من الاشتغال في الاقتصاد المنظم، 2) قلة فرص الشغل اللائق والدائم بالعالم القروي، 3) إشكالية تمثيلية الفاعلين المشتغلين في الاقتصاد غير المنظم ووجود صعوبات في تنظيم المهن تُعِيقُ تَحْدِيثَها وإدماجها في القطاع المنظم، 4) اتسام منظومة الحماية الاجتماعية لِحَدِّ الآن بإدماجية ضعيفة وتراجع دور الدولة في بعض الخدمات الاجتماعية مما يدفع الفاعلين في القطاع غير المنظم إلى التساؤل حول جدوى الانتقال إلى القطاع المنظم، 5) استمرار الحواجز القانونية والتنظيمية التي تعيق مسلسل إدماج الاقتصاد غير المنظم، 6) صعوبة الولوج إلى التمويل وإلى السوق والوعاء العقاري الملائم، وكذا إلى آليات مناسبة للدعم والمواكبة غير المالية لتيسير الانتقال إلى القطاع المنظم، 7) محدودية فعلية القوانين مع استمرار بعض ممارسات الفساد.

صحيح أن الأنشطة الاقتصادية غير المنظمة تمكن شرائح واسعة من السّاكنَة من إيجاد مصدر للعيْش والخروج من البطالة، غير أنها تعمق في الوقت نفسه الهشاشة في سوق الشغل، وتمارس منافسة غير مشروعة للمقاولات المنظمة وتلحق الضرر بالاقتصاد الوطني، إذ تُضَيع على الدولة مداخيل ضريبية مهمة.

وفي ظل غياب ما يكفي من البدائل الناجعة، نشأ نوع من التغاضي عن أنشطة الاقتصاد غير المنظم، توخيا لسلم اجتماعي يظل هشا رغم ذلك، وهو ما لا يتماشى وإعمال فعلية سيادة القانون. لذلك بات من الضرورة بمكان التعجيل بوضع التدابير الكفيلة بتفادي تحول القطاع غير المنظم إلى عامل لعدم الاستقرار على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

ووعيا منه بأهمية هذا الموضوع وما يطرحه من صعوبات على مختلف المقاربات التي تسعى إلى محاربة والقضاء على هذه الظاهرة، يدعو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى وضع استراتيجية مندمجة وواقعية تهدف مرحليا إلى الحد من حجم الاقتصاد غير المنظم بالمغرب.

وينبغي أن يُمَكِّنَ تنزيل هذه الاستراتيجية من تقليص حصة الشغل غير المنظم تدريجيا إلى 20 في المائة من إجمالي مناصب الشغل، وهي نسبة قريبة من المتوسط المسجل لدى مجموعة البلدان المتقدمة. غير أن هذه النسبة المنشودة ينبغي أن تشمل بالأخص الأنشطة المعيشية وكذا الوحدات الإنتاجية غير المنظمة ذات القدرات المحدودة، في حين يجب اعتماد توجه أكثر صرامة يروم القضاء على الأنشطة غير المشروعة والمستترة وعلى ممارسات الوحدات الإنتاجية غير المنظمة المنافسة للقطاع المنظم.

وفي هذا الصدد، يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي جملة من التوصيات في ما يلي أبرزها:

  • إزالة الحَوَاجِز التشريعية والتنظيمية والإدارية ذات الصلة، من خلال مراجعة النصوص القانونية المتقادمة أو التي تبين عدم إمكانية تطبيقها، التي تحول دون الاندماج في القطاع المنظم (عبر العمل على سبيل المثال على تحسين وضع «المقاول الذاتي»، من خلال رفع العتبة القصوى لرقم المعاملات السنوي التي يمكن أن يصلها المقاول الذاتي وتخويله إمكانية تشغيل اثنين أو ثلاثة أجراء)؛
  • وضع برنامج متعدد السنوات لمواكبة عملية تنظيم الحرف والمهن، وبلورة إطار مرجعي أو دفتر تحملات لكل مهنة، يحدد المؤهلات والكفاءات اللازم توفرها من أجل مزاولتها، وذلك من أجل عصرنة هذه المهن وتيسير اندماجها في ما بعد؛
  • إحداث مناطق أنشطة اقتصادية تضم أماكن للإنتاج معروضة للكراء، مع الحرص على أن تكون مساحتها وسَوْمَتُهَا الكرائية ملائمة لحاجيات الوحدات الإنتاجية الصغيرة جدا؛
  • ملاءمة وتنويع وتيسير وسائل التمويل، لا سيما من خلال توسيع نطاق أهداف صندوق محمد السادس للاستثمار، لتشمل مسلسل إدماج الاقتصاد غير المنظم، واقتراح عروض تمويلية بشروط أكثر تفضيلية لفائدة الشباب والنساء الراغبين في الانتقال إلى القطاع المنظم؛
  • تعزيز العرض المتعلق بالمواكبة في مجال الدعم التقني وتقديم الاستشارة، عبر تقديم خدمات ملائمة لتوجيه مختلف المقاولين العاملين بالاقتصاد غير المنظم الراغبين في الشروع في الاندماج في القطاع المنظم، مع ضمان الدعم الكامل للمقاولين الراغبين في الانتقال إلى صيغ مقاولاتية نظامية (كشركة ذات المسؤولية المحدودة (SARL))؛
  • إحداث بورصة للمناولة المشتركة من أجل تشجيع المقاولين الذاتيين والمقاولات الصغيرة جدا على تقديم ترشيحات مشتركة للولوج إلى الصفقات العمومية، والتمييز على مستوى الإطار التنظيمي للصفقات العمومية، بين الحد الأدنى من حصة الطلبيات المخصصة للمقاولين الذاتيين والتعاونيات، وبين تلك المخولة للمقاولات الصغرى والمتوسطة؛
  • تعزيز المراقبة والتفتيش على مختلف المستويات (مفتشية الشغل، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، مراقبة المطابقة التقنية…)، مع الحرص على أن تكون العقوبات رادعة بالقدر الكافي ومتناسبة مع مستوى خطورة المخالفة (وتهم هذه التوصية بشكل خاص تجارة الجملة غير المنظمة والممارسات المُسْتَتِرَة التي تقوم بها بعض المقاولات المهيكلة).

ويرى المجلس أن التنزيل الفعلي للاستراتيجية المندمجة للحد من حجم الاقتصاد غير المنظم تقتضي إحداث لجنة للتبع والتقييم تأخذ شكل «وحدة للتنفيذ» (delivery unit).

تحميل الرأي

PDF
العربية
PDF
Français

تحميل الملخص

PDF
العربية
PDF
Français
PDF
English

قد تحظى باهتمامكم المواضيع التالية :

من‭ ‬أجل‭ ‬تدبير‭ ‬ناجع‭ ‬واسْتِباقي‭ ‬لمخاطر‭ ‬الكوارث‭ ‬الطبيعية‭ : ‬أدوار‭ ‬وقدرات‭ ‬الفاعلين الترابيين
التقرير السنوي 2023
من أجل بيئة رقمية دامجة توفر الحماية للأطفال