بمبادرة من وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، أطلق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي استشارةً مواطِنة عَبر منصتِه الرقمية «أُشارِك « (ouchariko.ma) لاستقاء تَمَثُّلاتِ وآراءِ المواطنات والمواطنين بشأن السُّبل الكفيلة بإزالة الحواجزِ التي تَحُولُ دُونَ مشاركةِ المرأة مشاركَةً كاملةً في التنمية.
وقد امتدَّت مدة الاستشارة من 16 إلى 29 يناير 2023. وبلغ مجموع التفاعلات مع موضوع الاستشارة 143.239 تفاعلاً، منها 1302 إجابة على أسئلة الاستبيان.
التركيبة السوسيو-ديمغرافية للمواطنات والمواطنين المشاركين في الاستبيان
تجاوز عدد المشاركين من النساء (75.14 في المائة) بأكثر من ثلاثة أضعافٍ عددَ المشاركين من الرجال (24.86 في المائة)، وهو ما يدل من جهةٍ على اهتمامِ هذه الشريحة من المجتمع (النساء) بموضوع الاستشارة، ويعكس من جهة ثانية رغبتهنَّ في التعبير عن آرائهن في الموضوع بناءً على تجاربِهنَّ. وبذلك تتجاوز تمثيلية النساء في هذه العيِّنة بشكلٍ كبيرٍ نسبتَهُنَّ الفعلية ضمن السكان القانونيين للمغرب (50.19 في المائة).
وبخصوص الفئات العمرية التي يمثلها المشاركون، أظهرت نتائج الاستشارة أن أعمار حوالي 58 في المائة من المشاركين تتراوح بين 35 و59 عاماً، وهو ما يتوافق مع أوضاعهم المهنية والأسرية المُصرَّح بها. وفي هذا الصدد، يشكل الأُطر والمقاوِلون وأصحاب المهن الحرة 63.33 في المائة من المشاركين في الاستبيان. وبالنسبة للحالة العائلية، بلغت نسبة المتزوجين 54.80 في المائة.
وأظهرت النتائج أن غالبية المشاركين من سكان الوسط الحضري (91.12 في المائة)، ويتركز عددٌ كبير منهم (53.66 في المائة) في جهتين اثنتين من جهات المملكة، وهما جهة الرباط-سلا-القنيطرة (27.54 في المائة) وجهة الدار البيضاء-سطات (26.13 في المائة).
وفي ما يتعلق بالمستوى التعليمي، يشكل الحاصلون على مستوى تعليمي عالٍ 82.53 في المائة، بينما يمثل خريجو برامج التكوين المهني 10.53 في المائة.
نتائج الاستشارة: المساوة بين الرجل والمرأة
يرى 70.74 في المائة من المشاركات والمشاركين أنَّ التمثُّلات الاجتماعية والثقافية السائدة تشكل العقبةَ الرئيسيةَ أمام المساواة بين الرجال والنساء، تليها الهشاشة الاقتصادية للمرأة (53.84 في المائة من الآراء)، فضلاً عن تدنِّي مستوى تمثيل المرأة في مناصب المسؤولية (48.62 في المائة من الآراء)، إلى جانب الإطار القانوني (37.63 في المائة الآراء).
يأتي في صدارة العقبات التي يرى المشاركون في الاستبيان أنها أكثر ما يُعيق تمكين المرأة اقتصادياً استمرارُ هيمنة العقلية الذكورية في التعامل مع المرأة (70.66 في المائة من الآراء)، ويليها مختلِف أشكال التمييز في البيئة المهنية (51.38 في المائة من الآراء)، وصعوبات الحصول على التعليم والتكوين (43.39 في المائة من الآراء)، فضلاً عن الالتزامات والأعمال المنزلية وما تشكله من عِبء (41.94 في المائة من الآراء)، إلى جانب المخاطر التي تُهدِّد سلامة المرأة في طريق تنقُّلِها إلى أماكن العمل والتكوين وفيهِما (36.02 في المائة من الآراء).
يأتي في صدارة أشكال العنف ضد المرأة، بحسب آراء المشاركات والمشاركين في الاستبيان، عبارات السَّبِّ والكلام أو التصرفات غير اللائقة (63.29 في المائة من الآراء)، يليها التحرش الجنسي (61.06 في المائة من الآراء)، إلى جانب أشكال العنف الجسدي والجنسي (49.92 في المائة من الآراء). ويرى ما يقرب من نصف المشاركين أنَّ التمييزَ في بيئة العمل (39.63 في المائة من الآراء) والتَّنَمُّر الإلكتروني (38.17 في المائة من الآراء) يشكلان أكثر أشكال العنف التي تشغل بالهم.
وأجمع المشاركون في الاستبيان على أن ظواهِر العنف ضد المرأة حاضرةٌ في كل مناحي المجتمع بأشكال وتعبيرات متعددة، في المنزل (58.60 في المائة من الآراء) والفضاءات العمومية (58.22 في المائة من الآراء) ومواقع التواصل الاجتماعي (54.15 في المائة من الآراء)، وفي وسائل النقل (57.60 في المائة من الآراء).
يأتي في صدارة مجالات العمل التي يرى المشاركون ضرورة إيلائها عنايةً خاصة مكافحةُ الصور النمطية التي تَحُطُّ من قدر المرأة ومكانتها في المجتمع (71.04 في المائة من الآراء)، وذلك تعزيزاً لمشاركتها في مسار تنمية البلاد، ويليها التمكينُ الاقتصادي والمالي للمرأة (62.75 في المائة من الآراء)، وتعزيزُ الإطار القانوني والمؤسساتي تفعيلاً لمبدأ المساواة بين النساء والرجال (58.68 في المائة من الآراء)، إضافةً إلى تعزيز شروط السلامة للمرأة في المنزل وفي الفضاءات العامة وفي أماكن العمل (57.76 في المائة من الآراء).
خلاصات
أثار موضوعُ الاستشارة اهتماماً كبيراً في أوساط العديد من المواطنات والمواطنين الذين شاركوا فيها بكثافة. وحَسْبَمَا يَتَّضح من الاستبيان، فإن عدد النساء مِمَّن شارَكن فيه يفوق عدد الرجال. وينتمي المشاركون إلى شريحةٍ خاصة جداً من المجتمع، وهم سكان المدن النشيطين والمتعلمين، وهم يتركزون في جهتين اثنتين من جهات المغرب الاثنتي عشرة. وإنْ كانت الفئة التي ينتمي إليها المشاركون لا تمثل سكان المغرب عموماً، فإنها تعطي فكرة واضحة عَمَّا لهذه الفئة ذات الخصائص المتجانسة من تصورات، زيادةً على أن عدد الإجابات كان من محددات جودة المعلومات المجمَّعة.
وكما يَتَّضح من خلال عدد كبير من الأجوبة، فإن العوامل الثقافية تشكل عائقاً رئيسياً يعترض طريقَ تحقيق المساواة بين الجنسين (70.74 في المائة من الآراء) ويَحُول دون تمكين المرأة (70.66 في المائة من الآراء). لذلك فمن الطبيعي للغاية أن يشير المشاركون في الاستشارة إلى محاربةِ الصور النمطية التي تَحُطُّ من قدر المرأة ومكانتِها في المجتمع (71.04 في المائة من الآراء) باعتبارِه مجالاً رئيسياً للعمل من أجل تعزيز مشاركة المرأة في دينامية التنمية.
وتُشير نتائج الاستبيان أيضاً إلى الحرص الكبير لدى المشاركين على ضرورة القضاء على مختلِف أشكال العنف ضد المرأة، حيث يَعتبِر هؤلاء أن المرأة معرضة لأحد هذه الأشكال من العنف في مختلِف الأماكن والفضاءات.