في إطار الإعداد لرأي المجلس حول «شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين “NEET”: أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي ؟»، أطلق المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي استشارة مواطنة عبر منصته «أشارك» ما بين 8 شتنبر و 29 أكتوبر 2023، لاستقاء آراء وتمثلات المواطنات والمواطنين حول هذا الموضوع.
وقد بلغ عدد التفاعلات في هذه الاستشارة 35396 منها 1266 إجابة، و188 تعليق على صفحات المجلس في شبكات التواصل الاجتماعي.
خصائص المشاركات و المشاركين في الاستشارة المواطنة
تمثل الساكنة الحضرية أغلبية المشاركات والمشاركين في الاستشارة المواطنة المتعلقة بشباب NEET بنسبة 86 ٪، مقابل 14 ٪ فقط من الوسط القروي. ومن حيث النوع الاجتماعي، نجد أن الرجال قد شكّلوا نسبة 73 ٪ من إجمالي عدد المشاركين، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف نسبة مشاركة النساء في هذه الاستشارة.
وتتشكل تركيبة المشاركات والمشاركين من فئتين عمريتين رئيسيتين: الفئة العمرية الأولى تضم الأفراد الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و 39 سنة (47 ٪)، بينما تشمل الفئة العمرية الثانية الأفراد من 15 إلى 24 سنة (28 ٪). في ما يخص النسب المتبقية، فتتوزع على الفئتين العمريتين التاليتين: من 40 إلى 59 سنة بنسبة 19 ٪، و60 سنة فما فوق بنسبة 6 ٪.
يتشكل المشاركات والمشاركون بشكل أساسي من الطلبة (25 ٪)، والعاطلين عن العمل (18 ٪)، إضافةً إلى أصحاب المهن الحرة (9 ٪)، والموظفين في القطاع العمومي (16 ٪). ويلاحظ تركز ما يقارب من ثلثي المشاركات و المشاركين في كل من جهة الدار البيضاء-سطات ( ٪20)، وجهة الرباط-سلا-القنيطرة (19 ٪)، تليها جهة الشرق (13 ٪)، وجهة فاس-مكناس (12 ٪).
أبرز مخرجات الاستشارة المواطنة
يبرز أن نسبة 63 ٪ من الإجابات لا يعتبر أصحابها أنفسهم ضمن فئة شباب NEET، في حين أن نسبة 83 ٪ من المشاركات و المشاركين يعرفون عددًا من الشباب المنتمي إلى هذه الفئة في محيطهم الاجتماعي. كما أوصت بعض التعليقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي بضرورة القيام بجرد لعدد الشباب الذين ينتمون لهذه الفئة، واستكشاف مختلف جوانب ومكونات هذه الظاهرة لفهمها وتجاوزها بشكل أفضل. وقد تم التأكيد على هذه النقطة أيضا في التفاعلات المنشورة على منصة أشارك، حيث تم الاجماع على ضرورة «المبادرة بوضع تشخيص شامل للوضع الاجتماعي والاقتصادي للشباب NEET على المستوى المحلي، (…) وذلك لتقييم إمكانات الشباب، وتحديد الموارد المتاحة، والتعرف على التحديات الحقيقية التي يواجهونها.»
تعتبر ما يقرب من ثلاثة أرباع الإجابات في الاستطلاع (73 ٪) أن وضعية شبابNEET تهم الشبان أكثر من الشابات، بينما يعتقد ما يقرب من ثلثيهم (61 ٪) أن وضعية الشباب المنحدر من الوسط الحضري هم الأكثر عرضة لهذا الوضع. كما يعتبر المشاركات و المشاركون، بنسبة تصل إلى 60 ٪، أن شباب NEET تهم في المقام الأول أولئك الذين لم يتحصلوا على شهادات دراسية. وبالفعل، أكد العديد من متابعي صفحة المجلس الاقتصادي والاجتماعي و البيئي على وسائل التواصل الاجتماعي ضرورة التمييز بين فئة NEET وبين الخريجين العاطلين عن العمل، مشيرين إلى أن الأولوية يجب أن تُولى للإدماج الاجتماعي والمهني لهذه الفئة الأخيرة.
في ما يتعلق بالعوامل المؤدية لوضعية شبابNEET، أشار المشاركات والمشاركون في الاستطلاع بدايةً إلى الصعوبات الناجمة عن الإدماج المهني. وفي هذا الإطار، عزوا السبب إلى غياب فرص الشغل (75.12 ٪)، غير أنهم في الآن ذاته يرون أن الدبلومات لا تتوافق مع متطلبات سوق الشغل (59.24 ٪). كما، تمت الإشارة إلى الأسباب المرتبطة بالانقطاعات التي تواجه المسارات الشخصية للشباب. وعليه، يرى أكثر من نصف المشاركات والمشاركين (59.95 ٪) أن الهدر المدرسي يقود إلى وضعيةNEET، في حين يشير حوالي واحد من كل خمسة مشاركين (17.38 ٪) إلى أن الزواج المبكر للفتيات يشكل أحد أسباب هذه الظاهرة. بالمقابل، تعتبر 11.77 ٪ من الإجابات أن الإعاقة قد تسفر عن وضعية NEET. أما الإدمان، فقد تمت الإشارة إليه كعامل للهدر المدرسي سواء في التعليقات عبر شبكات التواصل الاجتماعي للمجلس أو في المساهمات المنشورة على منصة «أشارك»، حيث تم اعتبارها كأحد الأسباب المؤدية إلى هذه الظاهرة.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال ورشة عمل مواطنة حول موضوع الشباب NEET التي نظمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لفائدة أعضاء الجمعية المغربية للبرلمانيين الشباب في المغرب، تصدر عامل الهدر المدرسي قائمة الأسباب التي تؤدي إلى وضعية NEET تلاها غياب فرص الشغل، وعدم تناسب الشهادات مع احتياجات سوق الشغل، و وضعية الإعاقة، وأخيرًا الزواج المبكر للفتيات.
في نظركم، ما هي الأسباب الرئيسية المؤدية إلى وضعية NEET ؟
وتكشف مخرجات الاستشارة المواطنة أن الأغلبية الساحقة من المشاركات و المشاركين، أي بنسبة 78 ٪، لا علم لهم بوجود برامج عمومية أو مبادرات للمجتمع المدني موجهة إلى دعم الشبابNEET ، بينما أفادت نسبة 22 ٪ فقط معرفتها بهذه البرامج والمبادرات.
وفي مقدمة البرامج التي أشار إليها المشاركات والمشاركون، تأتي البرامج المخصصة للمقاولة بنسبة 43.75 ٪. وتبرز بشكل خاص مبادرات مثل «فرصة» بنسبة 22.06 ٪، و«انطلاقة» بنسبة 7.35 ٪، ومنصات الشباب بنسبة 4.41 ٪.
كما أشارت 33.45 ٪ من الإجابات إلى البرامج الاجتماعية، حيث تأتي المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في المقدمة بنسبة 27.57 ٪، يليها كل من برامج التعاون الوطني و برامج مؤسسة محمد الخامس للتضامن.
و في ما يتعلق بالبرامج المرتبطة بالتشغيل، فقد وردت في 25.74 ٪ من الأجوبة مع تركيز خاص على برنامج «أوراش» بنسبة 18.38 ٪. وتجدر الإشارة إلى أن أحد المشاركين أورد في إجابة تلقائية البرنامج الخاص بفرص الشغل بالخارج الذي تشرف عليه الوكالة الوطنية لتشغيل الكفاءات. كما تم استحضار الهجرة كحل لظاهرة الشباب NEET في التفاعلات عبر منصات التواصل الاجتماعي.
أما في ما يخص البرامج المتعلقة بالتكوين، فقد وردت في 15.07 ٪ من الأجوبة، حيث تأتي مدرسة الفرصة الثانية في المقدمة بنصف هذه النسبة (7.35 ٪)، يليها برامج التكوين المهني والتكوين بالتناوب. وقد أشار المشاركون أيضا إلى برامج أو مبادرات تشرف عليها جمعيات (12.13 ٪)، أو منظمات دولية (8.46 ٪)، مثل الاتحاد الأوروبي، ومنظمة الهجرة الدولية، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والوكالة الألمانية للتعاون الدولي، والمجلس الثقافي البريطاني، والوكالة الفرنسية للتنمية، والوكالة البلجيكية للتنمية، ومنظمة أوكسفام.
يُشار إلى أن الخدمة العسكرية قد وردت في التعليقات كحل قادر على» تنوير طريق أولئك الذين تعثروا في مسارهم الدراسي « أو كبوصلة ترشد «أولئك الذين لايزالون يبحثون عن مكانتهم أو دورهم في البنية الاجتماعية ».
في إطار التدابير المقترحة لتسهيل عملية الادماج الاجتماعي والمهني للشباب من فئة NEET، أعطى المشاركات و المشاركون الأولوية لضرورة وضع سياسة عمومية مندمجة تستهدف هذه الفئة (67.14 ٪). ويوصي قرابة ثلثي المشاركات والمشاركين (63.82 ٪) بدعم المقاولة والتشغيل الذاتي بينما يرى ما يقارب 48.89 ٪ أنه يتعين تعزيز إنشاء مدارس وبرامج تكوين الفرصة الثانية. وأخيرًا، يرى 35 ٪ أنه من الأنسب تشجيع إدماج شباب NEET من خلال مجالات الفنون والرياضة. في هذا السياق، تشير إحدى المساهمات المنشورة على منصة «أشارك» على »أنه بوجه عام، يوجد نقص في الأنشطة المدرسية الموازية داخل المؤسسات التعليمية، مما يستدعي توفير بيئة مواتية لنماء و تطور التلميذ، تولد لديه متعة التعلم«.
التدابير التي ينبغي اتخاذها لتيسير الادماج الاجتماعي والمهني لشباب NEET
دائما في إطار الإجراءات التي يجب اتخاذها، يُذكر أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد تلقى اقتراحات أخرى عبر صفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي.
أظهرت التفاعلات عبر منصات التواصل الاجتماعي توجها يختلف من حيث ترتيب الأولويات عما انتهت إليه نتائج الاستبيان. وهكذا، جاءت الموضوعات المتعلقة بالتكوين في مقدمة التعليقات بنسبة 28.19 ٪، يليها موضوع التشغيل بنسبة 13.83 ٪، ثم المقاولة بنسبة 7.45 ٪.
بالنسبة للتكوين، تطرقت التعليقات إلى أهمية الإبقاء على الشباب ضمن المنظومة التربوية أو إعادة دمجهم فيها، فضلاً عن ضرورة إنشاء آليات الفرصة الثانية، وتوفير برامج تكوين مهنية في مجالات واعدة. كما أشارت التوصيات إلى ضرورة تحسين الظروف المادية للأطر المكلفة بالتكوين والمتعلمين على حد سواء.
في ما يتعلق بموضوع التشغيل، تم التركيز بالأساس على ضرورة دعم المبادرات الكفيلة بخلق المزيد من فرص الشغل للشباب، سواء كانت مبادرات خاصة أو عمومية. لكنهم أكدوا أيضًا على أهمية الحرص على احترام النصوص التشريعية و التنظيمية المنظمة لمجال الشغل وضمان توفير ظروف العمل اللائق. علاوة على ذلك، تم تسليط الضوء على ضرورة التنزيل الترابي لبرامج التشغيل، بما يتلاءم مع خصوصيات كل جهة. كما ذهبت بعض التعليقات إلى القول بأن تشجيع وتعزيز فرص الشغل يجب أن يصاحبه إحداث نظام خاص لمنح التعويضات لفائدة العاطلين عن العمل.
هذه التراتبية في سلم الأولويات قد شدد عليها غالبية المشاركات و المشاركين من جمعية شباب البرلمانيين في ورشة العمل التي نظمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول موضوع شبابNEET ، حيث اعتبروا أن التركيز على التربية والتكوين ودعم المقاولة يجب أن يحظيا بالأولوية لضمان الادماج الاجتماعي والمهني لشبابNEET.