CESE

التعويض عن فقدان الشغل: أية بدائل في ضوء مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية؟

التعويض عن فقدان الشغل: أية بدائل في ضوء مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية؟

SR-C3-32-7051-ar

انكب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على إعداد دراسة تتناول موضوع “منظومة التعويض عن فقدان الشغل” على إثر إحالة توصل بها من طرف مجلس المستشارين، وذلك في سياق دينامية التفكير المؤسساتي المشترك بشأن تنزيل الورش الاستراتيجي الطموح المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية، الذي يشكل “التعويض عن فقدان الشغل” مكونا أساسيا في منظومتها، كما ينص على ذلك القانون الإطار ذي الصلة، تجسيدا للتوجيهات الملكية السامية.

وقد تمَّ اقتراح، في هذه الدراسة التي تحمل عنوان: “التعويض عن فقدان الشغل: أية بدائل في ضوء مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية؟”، وفي ضوء مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، تجاوز الإصلاح المقياسي الذي تم اعتماده قبل انطلاق ورش تعميم الحماية الاجتماعية وصدور القانون الإطار المتعلق بها، والعمل على إرساء إصلاح شمولي تدريجي لآلية التعويض عن فقدان الشغل والتعجيل بإجراء دراسة حول إرساء منظومةٍ للتعويض عن البطالة، تشمل نظاماً للتأمين ونظاماً للمساعدة، ويتم ربطها بآلية فعالة للمساعدة على العودة إلى العمل.

ملخص

يتناول رأي المجلس حول الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للباعة المتجولين، الذي جرى اعتماده بالإجماع من لدن الجمعية العامة الاستثنائية للمجلس المنعقدة في 16 نونبر 2021، موضوعا مركبا ومتعدد الأبعاد، يرتبط ارتباطا مباشرا بالمعيش اليومي للمواطنات والمواطنين، ويقع في صلب انشغالات الفاعلين العموميين سواء على المستوى الوطني أو الترابي.

تضطلع التجارة الجائلة بدور اجتماعي واقتصادي مهم باعتبارها منفذاً لتصريف الإنتاج الوطني وقطاعاً يُشَغِّل يداً عاملة ضعيفة التأهيل. غير أن انتشار هذه التجارة في إطار غير منظَّم يفاقم من مظاهر الهشاشة في سوق الشغل، ويُشكل مصدر منافسة غير مشروعة للقطاع المنظَّم، ويُلحق الضرر بالاقتصاد الوطني، لا سيما من حيث الإمكانات الضريبية غير المستغلة. وعلاوة على ذلك، تطرح هذه التجارة بحدة مشاكل من قبيل الازدحام والاحتلال غير القانوني للملك العمومي، والإشكاليات المرتبطة بالنظافة، والسلامة الصحية، وأمن المواطنات والمواطنين، والسكينة العمومية.

وأمام الحجم الذي بلغته هذه الظاهرة، وفي سياق مقاربةٍ قائمةٍ على إدماج الباعة المتجولين، وضعت السلطات العمومية البرنامج الوطني لإعادة تأهيل الباعة المتجولين، الذي يمتد على الفترة ما بين 2015 و2018. وقد سجل هذا البرنامج نتائج متباينة، حيث لم تتم إعادة تأهيل سوى 124.000 من الباعة المتجولين من أصل 430.000 بائع مستهدف. وفي هذا الصدد، واجه البرنامج عدة صعوبات في التنفيذ تتعلق على وجه الخصوص بندرة الوعاء العقاري، وقلة الموارد المالية، وضعف انخراط المستفيدين، وضعف النشاط التجاري.

من هذا المنطلق، فقد بات من الأهمية بمكان التعجيل باعتماد وتنفيذ التدابير اللازمة لتحقيق الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للباعة المتجولين.

ووعياً منه بالمخاطر المرتبطة باستمرار بل وتنامي هذه الظاهرة، يدعو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، من خلال هذا الرأي، إلى وضع مخطط وطني للإدماج الاقتصادي والاجتماعي للباعة المتجولين منبثقٍ عن الاستراتيجية المندمجة التي يقترح المجلس وضعها من أجل «اعتماد مقاربة مندمجة للحد من حجم الاقتصاد غير المنظم بالمغرب». ولبلوغ هذه الغاية، يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي جملة من الإجراءات الرئيسية، نذكر منها:

  • تبسيط وملاءمة التشريعات الوطنية المتعلقة بالترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العمومي من طرف الباعة المتجولين. ويقتضي ذلك منح رخص لاستغلال أماكن قارة داخل المجال الحضري أو في التجمعات شبه الحضرية أو القروية، أو استغلال مواقع على المحاور الطرقية خارج المدن، أو استغلال مَرْكبات؛
  • استثمار فرصة تنزيل مشروع تعميم الحماية الاجتماعية من أجل توسيع قاعدة انخراط الباعة المتجولين في نظام المقاول الذاتي، وتيسير حصولهم على بطاقة مهنية؛
  • تسريع تنزيل «الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي»، خصوصاً ما يتعلق منها بتفعيل الأداء بواسطة الهاتف النقال، وتحقيق الإدماج البنكي، وإحداث إطار ووسائل لتيسير تمويل المقاولات الصغيرة جدا والأفراد؛
  • تحفيز الاستثمار الخاص للمشاركة الفاعلة في مشروع إدماج الباعة المتجولين في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وذلك في المجالات التالية:
  • إنشاء مناطق صناعية لتوطين الأنشطة المهنية والحرفية والوحدات الإنتاجية والخدماتية الصغيرة جدا؛
  • إقامة أسواق نموذجية؛
  • تطوير وإنتاج المعدات والتجهيزات الثابتة والمتنقلة التي تستعمل في التجارة الجائلة، وذلك في ظل احترام متطلبات الاستدامة؛
  • إنشاء معاهد التكوين في مختلف المهن والحرف في إطار المنظومة المفتوحة للتكوين المهني.
  • تنظيم وتقنين مختلف المهن والحرف في القطاعات التجارية والصناعية والخدماتية والفلاحية، وتعميم برامج التأهيل والتصديق على مكتسبات الخبرة المهنية؛
  • إحداث منظومة مفتوحة للتكوين المهني لتمكين جزء مهم من الباعة المتجولين من مزاولة أنشطة بديلة، من خلال إحداث برامج تكوينية مرنة لفائدتهم في مجالات محو الأمية، والتكنولوجيا الرقمية، والصحة والسلامة، وخدمة الزبناء، والتسويق، والتدبير.
  1. اللجنة الدائمة المكلفة بالقضايا الاجتماعية والتضامن

عقدت اللجنة الدائمة المكلفة بالقضايا الاجتماعية والتضامن، التي يترأسها السيد عبد الحي بسة ومقرّرها السيد عبد الرحمن قنديلة، 53 اجتماعا سنة 2021 بمعدل مشاركة بلغ في المتوسط 56 في المائة.

  1. الإحالات

في إطار الإحالات الواردة من مجلس المستشارين، أعدت اللجنة الدائمة المكلفة بالقضايا الاجتماعية والتضامن رأياً حول التعويض عن فقدان الشغل.

«التعويض عن فقدان الشغل: أية بدائل في ضوء مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية؟

تمت المصادقة على هذا الرأي بالإجماع خلال الدورة 123 للجمعية العامة العادية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المنعقدة في 30 يونيو 2021.

لقد أشار المجلس في هذا التقرير أنه منذ سنِّ التعويض عن فقدان الشغل في 2015، لا يستفيد اليوم من هذا التعويض سوى عددٍ محدودٍ من الأشخاص. فحسب آخر الأرقام المتوفرة، فقد بلغ عدد المستفيدين منذ إحداث هذه الآلية 77.826 مستفيداً، وهو رقم يبقى بعيداً عن الهدف الذي تم تحديده في 30.000 مستفيد في السنة.

إن هذا التعويض، الذي يتم صرفه لمدة ستة أشهر لفائدة الأجراء العاملين في القطاع الخاص المهيكل المصرَّح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في حالة الفصل من الشغل، هو أقرب ما يكون إلى شبكة أمان اجتماعي تحمي الأشخاص من الوقوع الفجائي في الفقر، منه إلى تأمين عن البطالة. وفي هذا الصدد، يعادل التعويض الشهري 70 في المائة من الأجر المرجعي (الأجر الشهري المتوسط المصرح به لفائدة الأجير خلال الستة وثلاثين شهراً الأخيرة التي تسبق تاريخ فقدان الشغل)، دون أن يتجاوز هذا المقدار الحد الأدنى القانوني للأجر.

ومن خلال تحليل خصائص الآلية الحالية للتعويض عن فقدان الشغل، يمكن الوقوف على ثلاثة أسباب رئيسية تحدُّ من نطاق الاستفادة من هذا التعويض:

  • شروط تقييدية للاستفادة من التعويض، حيث تمَّ على الخصوص رفض قرابة نصف الملفات لعدم كفاية عدد أيام الشغل المصرَّح بها؛
  • خدمات غير كافية، إذ يتم احتساب التعويض عن فقدان الشغل على أساس الحد الأدنى القانوني للأجور، كما أن ذلك لا يراعي المستوى المعيشي للعديد من الفئات المهنية؛
  • تمويل غير كافٍ وغير منصفٍ لا يراعي استدامة مصادر التمويل ولا توزيع الفئات المهنية.

ويقتضي هذا الوضع التعجيل بإعادة تنظيم آلية التعويض عن فقدان الشغل، وذلك كجزء من المحاور الأربعة التي يستهدفها الإصلاح المنصوص عليه في القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية.

إن إعادة تنظيم هذه الآلية يمكن أن يتم عبر اعتماد إصلاح مقياسي، وهو الخيار الذي اعتمدته الحكومة انطلاقاً من سنة 2018، قبل أن تتم المصادقة على القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية. غير أنه يتضح من خلال دراسة المجلس لهذه الصيغة المقترحة للإصلاح أنها تتسم بالمحدودية، إذ إنها لا تَهُم سوى إصلاح معيارٍ واحدٍ هو «الحد الأدنى لمدة الاشتراك»، وتفضي إلى اختيار السيناريو الأقل تكلفة من الناحية المالية لكنه يبقى الأقل فائدة اجتماعيًا.

ومن هذا المنطلق، فإن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يوصي، في ضوء مقتضيات القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية، بإرساء إصلاح شمولي تدريجي لآلية التعويض عن فقدان الشغل والتعجيل بإجراء دراسة حول إرساء منظومةٍ للتعويض عن البطالة، تشمل نظاماً للتأمين ونظاماً للمساعدة، ويتم ربطها بآلية فعالة للمساعدة على العودة إلى العمل.

وبناءً على عملية التشخيص التي تم إنجازها، ومراعاةً للظرفية الاقتصادية والاجتماعية التي تجتازها بلادنا في الوقت الراهن في ظل تداعيات أزمة كوفيد19-، يوصي المجلس بوضع نظام للتأمين يتضمن آليتين اثنتين:

  1. نظام للتأمين عن البطالة خاص بالعاملين الأجراء، من شأنه أن يتيح تجاوز أوجه المحدودية التي تعتري الآلية الحالية للتعويض عن فقدان الشغل، وذلك من خلال:
    • تقليص الحد الأدنى لعدد أيام الاشتراك المطلوبة، عبر إقرار مدة تتلاءم مع خصائص سوق الشغل ببلادنا؛
    • رفع الحد الأقصى للتعويض (4 إلى 5 أضعاف الحد الأدنى القانوني للأجور)؛
    • تمديد مدة صرف التعويضات بما يتناسب مع مدة الاشتراك؛
    • توسيع آليات تمويل التعويض عن فقدان الشغل، من خلال ترشيد وإعادة توجيه الموارد المالية المتاحة دون زيادة الأعباء التي تثقل كاهل المقاولات والعاملين؛
    • تبسيط المساطر الإدارية؛
    • العمل بشكل تدريجي على توسيع دائرة وشروط الاستفادة من التعويض.
  2. نظام للتأمين عن البطالة لفائدة العاملين غير الأجراء. ينبغي أن يتم تفعيل هذا الاقتراح بشكل تدريجي وأن يكون موضوع نقاش وتشاور بين الأطراف المعنية حتى يتم الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مختلف المهن، كما يقتضي التحديد المسبق لآثار وَقْف النشاط على هذه الفئات من العاملين.

كما يوصي المجلس، بالموازاة مع وضع هذا النظام الخاص بالتأمين عن البطالة، بإرساء آليتين مهمتين للمواكبة:

  • نظام للمساعدة لفائدة الأشخاص الذين فقدوا شغلهم، لكنهم لا يستوفون شروط الاستفادة من التأمين عن البطالة، وكذا الأشخاص الذين استنفدوا فترة استحقاق التأمين؛
  • آلية فعالة للمساعدة على العودة إلى العمل، تتيح إشراك الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات والمكتب الوطني للتكوين المهني وإنعاش الشغل، بشكل رسمي ومُلزِم، وينبغي أن تكون هذه الآلية جزءًا لا يتجزأ من هذه المنظومة الجديدة، وذلك بما يُمكِّن من إعادة إدماج المعنيين بوتيرة سريعة في سوق الشغل.
اقرأ أكثر أقرأ أقل

تحميل الرأي

PDF
العربية
PDF
Français

تحميل الملخص

PDF
العربية
PDF
Français

قد تحظى باهتمامكم المواضيع التالية :

آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد الطبيعية (الموارد المائية والمقالع)
شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين "NEET": أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي ؟
من أجل مجتمعٍ متماسكٍ خالٍ من التسول