إن دينامية الطبقة الوسطى تَضْطَلع بدورٍ بالغِ الأهمية، بِوْصفها عاملاً في النمو والاستقرار الاقتصادي، وذلك بفضل إسنادها للاستهلاك الداخلي وحفزها للاستثمار في مجالات التعليم والصحة والسكن. كما أنها تضطلع بدور أساسي في الحفاظ على استمرارية أنظمة الحماية الاجتماعية من خلال المساهمات والضرائب التي تؤديها الأسر. هذا، وبفضل قدرتها على الادخار، يشكل وجود طبقة وسطى قوية رافعة أساسية لتمويل الاستثمار.
من جهة أخرى، تعتبر الطبقة الوسطى عاملاً للاستقرار السياسي لكونها تؤشر عموما على وجود تماسكٍ اجتماعي أقوى وتفاوتاتٍ أقلَّ وعلى اشتغالِ المصعد الاجتماعي.في وقتٍ تستعد فيه بلادنا، تحت القيادة السامية لجلالة الملك، لاعتماد نموذج تنموي جديد يتفاعل مع تطلعات وانتظارات المغاربة، أفرادا وفاعلين، فإن تعزيز وتوسيع طبقة وسطى مُؤَهَّلة ومزدهرة ومُبَادِرة، يكتسي أهمية قصوى من أجل إنجاح الانتقال نَحْوَ عتبة أعلى من التنمية.
وفي هذا الصدد، تهدف من هذه الدراسة، التي تحمل عنوان "تعزيز وتوسيع الطبقة الوسطى بالمغرب: رهانات وسبل إرساء طبقة وسطى مُؤَهَّلَة ومُزدَهِرة ومُبَادِرَة" إلى تقديم عناصر إجابة عن سؤالين حملتهما إحالة مجلس المستشارين: بتحديد مفهوم أو تعريف الطبقة الوسطى وسُبُلَ ووسائِلَ توسيع وتعزيز الطبقة الوسطى.
تحميل التقرير
أبرز المجلس في هذا الرأي أنه منذ ستينيات القرن الماضي، أطلق المغرب، العديد من المخططات والبرامج والأوراش الكبرى للنهوض بالقطاع الفلاحي وتعزيز أداء مختلف سلاسل الإنتاج والتصدير. وقد مكنت هذه الجهود من تحقيق نتائج هامة، لا سيما على مستوى تحسين نسبة تلبية الاحتياجات الوطنية من المنتجات الغذائية ذات الاستهلاك الواسع.
غير أن الأداء العام للقطاع وجهود إدماج أعلى وأسفل سلاسل الإنتاج لا تزال تعاني من مستوى الاندماج والترابط غير الكافي بين مسلسل الإنتاج وقنوات التسويق. كما تشهد منظومة التسويق عددا من مكامن الضعف والاختلالات التي تهم تنظيمها وتسييرها، نذكر منها ما يلي :
انطلاقا من هذا التشخيص، يدعو المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى بلورة رؤية مندمجة وتشاركية خاصة بمجال التسويق من خلال إشراك جميع الفاعلين المعنيين، إن على الصعيد الوطني أو الترابي. ويوصي المجلس في هذا الصدد، باتخاذ عدد من التدابير، من أبرزها ما يلي :
اللجنة المؤقتة المكلفة بإنجاز الدراسة