يؤكد المجلس أن موضوع الشباب يستأثر باهتمام بالغ من لدن المجتمع ككل. وباعتباره ثروةً وطنيةً حقيقيةً، فإن الشباب المغربي يعد امتيازاً ديموغرافيا مواتيا، وعنصراً فاعلا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ورافعة من أجل خلق الثروة. ولأن هذا الشباب يوجد في صلب التحولات التي يشهدها المجتمع، فإنه يبدي استياءه بأوجه متعددة من وضعيته ومن صعوبة إيجاد موقع له داخل المجتمع. وعلاوة على ذلك، لا يمتلك الشباب سوى فرصٍ ضئيلة للتأثير على القرارات الاستراتيجية الوطنية ولا يستفيدون بشكل منصف من الولوج الملائم إلى التعليم والرعاية الصحية الجيدة.
يكشف تحليل المؤشرات المتعلقة بالشباب ومشاركتهم في الحياة الاقتصادية والاجتماعية عن المستوى النسبي للتماسك الاجتماعي في البلد، إلى جانب الانقطاع عن الدراسة والبطالة والعمل الناقص وغياب بنيات الدعم الكفيلة بتيسير المشاركة في الحياة الاجتماعية كلُّها عوامل تساهم في عزلة هؤلاء الشباب وتولد إحساس الحرمان لديهم، مما يجعلهم عرضة للسقوط في براثين الانحراف والإجرام والتطرف، بالإضافة إلى تطلعهم المتزايد إلى محاولة ارتياد آفاق جديدة عبر الهجرة إلى الخارج.
وتندرج هذه المؤشرات ضمن السياق الوطني الذي يتميز بمرحلة تتسم بتنامي موجات مطالب واحتجاجات اجتماعية تشارك فيها شرائح واسعة من الشباب وقفت عند عدم قدرة النموذج التنموي الحالي على الاستجابة لحاجياتها وعجزه عن تحقيق طموحاتها. ورغم أن الوضعية السياسية الوطنية شهدت تطورا ملموسا منذ سنة 2011، إلا أن تطلعات الشباب المغربي إلى مستقبل أفضل ما زالت قائمة.
ويرى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنه آن الأوان لاقتراح مبادرة جديدة مندمجة لفائدة الشباب المغربي، وذلك بغية الاستجابة، على المدى الطويل، لانتظارات الشباب المشروعة في الحصول على حياة كريمة، وعدالة اجتماعية، وإنصاف ومشاركة نشيطة في الدينامية التنمويّة؛ حيث سيتمكن جميع الشباب من تحرير طاقاتهم واستثمار كل مؤهلاتهم وخبراتهم، في إطارٍ متكافؤ الفرص، وتحسين مستوى رفاههم؛ وبناء شباب يستمدُّ قوَّتَه من تاريخه وقِيمه، ويشقُّ طريقه بخُطًى واثقة في عالم منفتح ومُعَوْلم.
تم تحديد تسعة مجالات رئيسية للعمل يقوم عليها الطموح الجديد المقترح ويكيِّف مداخلها مع حاجيّات وانتظارات حقيقية وموسَّعة بطرق انعكاس تهدف إلى تحقيق طموح المجلس. يتعلق الأمر بما يلي:
- بناء قدرات الشباب ورفع مستواهم العام من المعرفة وتطوير مهاراتهم طوال الحياة حتى يتمكنوا من التكيف باستمرار والاندماج في عالم العمل ؛
- تعزيز الاندماج المهني للشباب ؛
- ضمان وقاية فعالة للشباب من المخاطر الصحية، وتحسين ولوجهم إلى الخدمات الصحية الجيدة، والتغطية الصحية، والحماية الاجتماعية الشاملة؛
- بناء المبادرة الوطنية المندمجة للشباب على نفس المقاربة التي تقوم عليها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية؛
- ترسيخ المواطنة الكاملة للشباب ككل لا يتجزأ، في شموليتها ومظاهرها المختلفة، وفي حقوقها وواجباتها ؛
- تعزيز المواطنة غير القابلة للتجزئة للشباب، بكاملها وجوانبها المختلفة، وكذلك في حقوقها والتزاماتها ؛
- تعزيز أرضية القيم المجتمعية وخلق مناخ ملائم في صفوف الشباب يساعد على نشرها؛
- تقوية ودعم الإبداع الثقافي والفني للشباب وتنمية مَلَكة الخلق والإبداع لديهم وتشجيع إقبالهم على الرياضة؛
- تربية وتحسيس الشباب بأهمية المحافظة على البيئة وحمايتها ؛
- تعزيز انخراط الشباب في الأجندات الدولية الكبرى وإشراكهم في النهوض بإشعاع المغرب.
- إن بناء هذه الرؤية الشمولية أصبح اليوم أمراً ضروريا للغاية من أجل الانخراط في مسار نمو أسرع وأكثر إدماجاً، ومن ثم تلبية التطلعات الاقتصادية والاجتماعية لمجموع الساكنة وللشباب على وجه الخصوص، على درب تحقيق تنمية متعددة الأبعاد ومنصفة، وضمان رخاء مشترك.