CESE

التثارير السنوية

التقرير السنوي 2020

لافتة للتقرير السنوي 2020 المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
التقرير السنوي 2020

RAR-2020-7079-ar

ملخص

طبقاً للقانون التنظيميّ للمجلس الاقتصاديّ والاجتماعيّ والبيئيّ، يتضمّن التقريرُ السنويّ للمجلس تحليلاً للوضعية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لبلادنا برسم سنة 2020.

شكلت سنة 2020 سنة استثنائية على جميع الأصعدة، وذلك بالنظر لتأثيرات جائحة الكوفيد19- التي همت جميع جوانب الحياة، واعتباراً أيضا للاختيارات التي اتخذتها أغلب الدول في التصدي للجائحة، والتي أعطت الأولوية لحفظ صحة الإنسان.

وقد بادرت السلطات العمومية منذ تسجيل الحالات الأولى للإصابة، إلى سن إجراءات صحية وقائية صارمة من أجل تفادي تكاثر حالات العدوى بشكل غير متحكم فيه، مع العمل على الرفع من الطاقة الاستيعابية للبنيات التحتية الصحية للبلاد. بالموازاة مع ذلك، تم إحداث لجنة لليقظة الاقتصادية، وخلق صندوق خاص بتدبير جائحة فيروس كورونا، فضلا عن اتخاذ العديد من التدابير لتخفيف انعكاسات الأزمة الصحية على المقاولات، ومن ثم على مناصب الشغل ومصادر الدخل. بعد ذلك، وبالموازاة مع تخفيف التدابير التقييدية، جرى، تنفيذا للتعليمات السامية لجلالة الملك، وضع مخطط من أجل إنعاش النشاط الاقتصادي بغلاف مالي يعادل 11 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي.

رغم الجهود التي تم بذلها، سجل الاقتصاد الوطني، على غرار باقي بلدان العالم، ركوداً يعتبر الأكبر من نوعه خلال العقود السبعة الماضية. وقد تضرر النسيج المقاولاتي بشكل كبير من الأزمة. وتراجع مستوى استهلاك الأسر نتيجة فقدان مصادر الدخل ومناصب الشغل بالقطاع الخاص المنظم وغير المنظم.

وبلغ عجز الميزانية حوالي 7.6 – في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2020، فيما وصل المبلغ الجاري لمديونية الخزينة إلى 77.6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي جراء الجهود الميزانياتية المبذولة لمكافحة آثار الأزمة الصحية. غير أن المغرب استطاع الاستفادة من شروط اقتراض جيدة على العموم.

وفي ما يتعلق بالتوازنات الخارجية، فقد شهدت سنة 2020 انخفاضاً في عجز الميزان التجاري، رغم أن الصادرات شهدت بدورها انخفاضا حادا.

أما بخصوص الشروط النقدية وتمويل الاقتصاد، فقد تم اتخاذ العديد من تدابير في ما يتعلق بالسياسة النقدية من أجل التصدي لتداعيات الأزمة. وبفضل هذه التوجهات، التي عززها طرح منتجات «ضمان أوكسجين» و»ضمان إقلاع» و»إقلاع المقاولات الصغيرة جدا» المضمونة من لدن صندوق الضمان المركزي (مؤسسة «تمويلكم» حاليا)، تمكنت القروض البنكية، من تحقيق معدل نمو بلغ 4.4 في المائة، رغم تراجع الناتج الداخلي الإجمالي. وتفيد معطيات المندوبية السامية للتخطيط بأن 16 في المائة فقط من المقاولات أعلنت استفادتها من قروض بضمان الدولة.

وفي ما يتعلق بمناخ الأعمال، يلاحظ أن مناخ الأعمال في المغرب لا تزال تعتريه العديد من أوجه القصور البنيوية، تهم بشكل خاص استمرار بعض مظاهر الفساد وإشكالية آجال الأداء.

وبخصوص انعكاسات الأزمة على الشغل ومصادر الدخل، فإن الاقتصاد الوطني فقد مع متم سنة 2020 حوالي 432.000 منصب شغل صاف. وقد تفاقم معدل البطالة، بحيث بلغ 11.9 في المائة.

وفضلا عن تدبير الجوانب الظرفية لجائحة كوفيد19-، فإن هذه الأزمة دفعت بلادنا إلى اعتماد جملة من التوجهات في أفق إجراء تحولات كبرى على المستوى الاقتصادي في المدى المتوسط:

  • بوادر عودة حذرة إلى التصنيع لاستبدال الواردات
  • وجود إرادة في تسريع مسلسل إرساء صناعة وطنية خالية من الكربون؛
  • تسريع مسلسل رقمنة الاقتصاد وتحول الاستخدامات

على المستوى الاجتماعي، كان قطاع التربية والتعليم بدون شك من بين القطاعات الأكثر تضررا بالأزمة الصحية. حيث كان لإغلاق المدارس أولا ثم تقليص الزمن المدرسي تداعيات سلبية على جودة التَّعَلُّمَات. من جهة أخرى، أدى انتقال عملية التعلم من المدرسة إلى المنزل إلى خلخلة عادات التعلم وساهم في تعميق التفاوتات بين التلاميذ.

وبالنسبة للتعليم عن بعد، فإذا كان قد حظي بمتابعة نسبية في بداية الجائحة، فقد تخلى عنه عدد كبير من التلاميذ في ما بعد، خاصة بعد الإعلان عن تأجيل أو إلغاء امتحانات نهاية السنة الدراسية. وقد كان لهذا الأمر انعكاس سلبي كبير بحيث أدى إلى تدهور المستوى الدراسي للتلاميذ وإلى تفاقم المشاكل التي تعاني منها المدرسة، والتي تشهد أصلا العديد من الاختلالات البنيوية.

بخصوص منظومة الصحة، أكدت أزمة كوفيد19- التشخيص الذي تم الوقوف عنده منذ عدة سنوات بشأن هشاشة الخدمات الصحية في مقابل حاجيات الساكنة، وضعف قدرة هذه المنظومة على الصمود أمام الأزمات. وإزاء هذا الوضع، انصب التعاطي مع جائحة كوفيد19- أساسا على تقييد حركة تنقل المواطنين لتفادي تعرض المنظومة الصحية لضغط يتجاوز طاقتها الاستعابية .

ومن بين الإشكاليات الكبرى التي يواجهها قطاع الصحة، مسألة الموارد البشرية التي تعتبر مبعث قلق حقيقي وتهدد استمرارية المنظومة. فقد بلغ عدد الأطباء الممارسين في القطاع العام، وفق إحصائيات نهاية سنة 2019، ما يقرب من 12.000 طبيب، مقابل 13.500 طبيب في القطاع الخاص. علاوة على ذلك، يعاني الأطباء في القطاع العام من ظروف عمل غير ملائمة بالقدر المُرضي. وفي ظل هذه الظروف، يتواصل منذ سنوات مسلسل مغادرة الكفاءات لقطاع الصحة العمومية.

وهناك عنصر آخر له تأثير سلبي على صحة السكان وهو الولوج إلى الأدوية. فإذا كان قطاع صناعة الأدوية قد شهد تطورا مهما، لا سيما خلال العقد الأخير، غير أن استهلاك الأدوية من طرف المواطنين تشوبه العديد من الاختلالات، خاصة عدم احترام المسار الطبيعي لاستعمال الأدوية.

لقد شكلت وضعية الحجر المنزلي المقترن بالضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي أملتها الظرفية الصحية تحدياً تنامت فيه ظاهرة العنف إزاء النساء. وفي هذا الصدد، قامت عدة جمعيات ناشطة في مجال حماية وتوجيه النساء ضحايا العنف بإثارة الانتباه إلى ضرورة وضع تدابير إضافية لحماية النساء خلال الجائحة. من جهة أخرى، يشار إلى غياب حصيلة رسمية عن الحجم الحقيقي للعنف الممارس في حق النساء إبان فترة الأزمة الصحية.

وبخصوص وضعية الفئات الهشة خلال سنة 2020، يشار إلى أن الأطفال تضرروا بشدة من تداعيات الجائحة. ذلك أن عزل الأطفال داخل المنازل والابتعاد عن فضاء التعلم والتنشئة الاجتماعية الذي تجسده المدرسة يمكن أن يؤدي إلى أضرار وخيمة على الأطفال الذين يعيشون في بيئة لا تتيح الولوج إلى أدوات التعلم. أو التي لا يملك فيها الآباء والأمهات القدرات الكافية لمواكبة أطفالهم دراسيا.

وبالنسبة للأشخاص في وضعية إعاقة، فقد فاقمت الأزمة الصحية من حرمانهم من حقوقهم. فعلى سبيل المثال لم تكن الدروس الموجهة عبر القنوات التلفزية والمحطات الإذاعية الوطنية مناسبة لحاجيات التلاميذ في وضعية إعاقة، مما شكل عائقا أمام تمتعهم بالحق في التربية وتمييزا في حقهم. كما تعرض الأشخاص ذوو الإعاقة، خاصة المصابون بالصمم وضعاف السمع، إلى الحرمان من الولوج إلى المعلومات وحملات الوقاية التي يتم بثها في وسائل الإعلام العمومية.

وخلال فترة الحجر الصحي، فَقَدَ المهاجرون في وضعية غير نظامية، الدخول المتأتية من فرص الشغل الهشة التي كانوا يتعيشون منها. كما أن وضعيتهم الإدارية جعلتهم خارج دائرة المساعدات المقدمة للفئات المعوزة.

وبخصوص مكافحة الجريمة، ورغم الجهود المبذولة لا تزال نسبة الاعتقال الإحتياطي مرتفعة بالمغرب. ذلك أن الاقتصار على الإيداع بالمؤسسات السجنية كآلية وحيدة للعقاب، بما فيها اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، من شأنه أن يرفع من تكلفة الجريمة، سواء المادية أو المجتمعية.

وفي ما يتعلق بالحوار الاجتماعي، يسجل أنه لم يتم إشراك ممثلي الفاعلين الاجتماعيين، في لجنة اليقظة الاقتصادية، والحال أنه في هذا السياق بالذات، كان من شأن مشاركة النقابات إلى جانب القطاع الخاص والدولة، أن تمكن من بلورة إجابة مشتركة للصدمات الناشئة عن الأزمة.

أما بالنسبة لنزاعات الشغل، يظل السبب الرئيسي للإضرابات التي شهدها القطاع الخاصة سنة 2020 عدم احترام المشغل للمقتضيات الأساسية لقانون الشغل. أما في القطاع العام، فسيجل غياب فتح حوار حول الملف المطلبي لأساتذة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وعدم قدرة الأطراف المعنية على بناء توافقات حول القضايا المطروحة. 

بخصوص المحور البيئي، كانت سنة 2020 سنة استثنائية طبعها توقف الملتقيات الدولية، بما في ذلك جراء القيود الصحية التي أقرتها العديد من البلدان لمواجهة تداعيات جائحة كوفيد19-. بحيث تم في هذا الصدد، إرجاء مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ «كوب 26».

كما عرفت انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تراجعا هاما خلال سنة 2020 في جميع أنحاء العالم، بفعل الانخفاض الكبير للنشاط الاقتصادي وحركة التنقل.

وعلى الصعيد الوطني، شرع المغرب سنة 2020 في الرفع من الأهداف الواردة في المساهمة المحددة وطنياً، وتم تقديمها أمام اللجنة الوطنية للتغيرات المناخية والتنوع البيولوجي خلال اجتماعها الأول المنعقد في شهر دجنبر من السنة نفسها. ومن ناحية أخرى، تميزت سنة 2020 بإطلاق دراسات لوضع «مخططات مناخية» لفائدة سبع جهات.

وفي ما يتعلق بالولوج إلى التمويل المتعلق بالمناخ، وضعت المملكة برنامجًا استراتيجيًا مع «الصندوق الأخضر للمناخ»، يتألف من مجموعة من 18 مشروعًا للتكيف والتخفيف تغطي العديد من القطاعات ذات الأولوية.

وفي مجال الطاقات المتجددة، سجل المغرب تحسناً طفيفاً يناهز 3 في المائة في حصة الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة. كما اتسمت سنة 2020 بتراجع الفاتورة الطاقية الصافية للمغرب بنسبة 34.7 في المائة، بالإضافة إلى انخفاض في إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بـ 7.2 في المائة.

بالمقابل، وبالنظر إلى الإمكانات العالية التي يتمتع بها المغرب في إنتاج الجزيئات الخضراء وتصديرها، فقد قررت بلادنا التموقع في هذا المجال عبر إطلاق مشروع خارطة طريق خاصة بتطوير سلاسل الإنتاج المعتمدة على الطاقة الهيدروجينية في 2019. وعلاوة على ذلك، تميزت سنة 2020 بإحداث اللجنة الوطنية للهيدروجين.

وبخصوص المحور المتعلق بالتنمية المستدامة، تميزت سنة 2020 بإطلاق دينامية إعداد استراتيجية التنمية ذات الانبعاثات المنخفضة للغازات الدفيئة على المدى الطويل (LTLEDS).

وفي ما يتعلق بميثاق «مثالية الإدارة»، تم اتخاذ تدابير من قبل بعض القطاعات الحكومية أفضت إلى تحقيق نتائج أولية مشجعة يمكن تحسينها.

وفي مجال تدبير الموارد المائية، واعتباراً للوضعية المقلقة جدا التي تعرفها الموارد المائية، انعقد في يناير 2020، برئاسة جلالتكم، حفل توقيع الاتفاقية الإطار لإنجاز البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2027-2020، الذي يشكل المرحلة الأولى في مشروع المخطط الوطني للماء 2050-2020. وفي السياق ذاته، تجدر الإشارة إلى الشروع في الخطوات الإجرائية لإنجاز مشروع محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء في نوفمبر 2020.

وفي ميدان التطهير، أصبح المغرب إلى غاية نهاية سنة 2020، يتوفر على 153 محطة لمعالجة المياه العادمة، تم إنجازها في إطار البرنامج الوطني للتطهير السائل. ومن بين التدابير المتخذة من أجل إرساء تدبير مستدام للموارد المائية، تجدر الإشارة إلى تعميم إعادة استعمال المياه العادمة المعالَجة لسقي ملاعب الغولف والمساحات الخضراء وكذا الاستعمال الصناعي.

ومن جهة أخرى، تناول الموضوع الخاص (Focus) للتقرير السنوي «الوضعية الاقتصاديّة والاجتماعية والبيئية التي تعرفها المناطق المَعْنِيّة بزراعة القنب الهنْدي». وتقتضي الآثار السلبية لهذه الوضعية، سواء على الساكنة المحلية أو على بلادنا ككل، اعتماد مقاربة بديلة ذات منظور شمولي، تُحدث قطيعة مع الوضْع الحالي.

وعلى الرغم من المنع التدريجي الذي طال كل الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي منذ أزيد من قرن من الزمن، فقد تطورت زراعة هذه النبتة بوتيرة مطردة في شمال البلاد.

لقد أدى البحث عن تحقيق الربح المادي إلى إقامة زراعة مكثفة للقنب الهندي ترمي إلى توسيع المساحات المزروعة، مما تسبب في استنزاف التربة والموارد المائية، كما تحولت الأراضي الخصبة التي كانت تستخدم سابقًا في الزراعات الغذائية إلى زراعة القنب الهندي.

وعلاوة على ذلك، فإن المزارعين لا يجنون سوى دخلٍ هزيلٍ، بحيث يؤول الجزء الأكبر من الدخول للوسطاء وتجار المخدرات. وبالإضافة إلى ذلك، فإن هؤلاء المزارعين يظلون عرضة للمتابعة القضائية، وهو ما يحرمهم من الولوج إلى عدد من الحقوق الأساسية والخدمات الاجتماعية.

هذا، وعلى إثر التطور الذي شهده القانون الدولي في اتجاه إضفاء الشرعية على هذه النبتة وتقنينها وتقْنينِ بَعْض اسْتعمالاتها لأغراضٍ صيدلية وصناعية وأغراض أخرى لا تنطوي على خطر على صحة الإنسان، وفي الوقت الذي طوّرتْ فيه العديد من البلدان صناعة تحويل القنّب الهندي، الذي يدرُ الدَّخْلَ ويوفر الشُّغْل، يتعين على بلادنا مواكبة هذا التحول بوضع وتنْفيذ استراتيجية مُندمِجَة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في مناطق زراعة القنب الهندي، وهي استراتيجية تُدمِج المزارعين تنموياً بمختلف الاسْتعمالات المَشروعة للنّبتة وبتحويلها الصّناعِيّ.

وينْبغي أنْ تتضمّن هذه الاستراتيجية نموذجًا اجتماعيًا حميداً، ومنظومَةَ إنتاجٍ مثلى ومبتكِرة ومُستدامة على الصعيد الفلاحي، ونمطاً اقتصاديا مقنّنا بدون عوائق، وأن تمكن المغْرب من الاندماج الإيجابي في السوق الدولية التي تشهد تطورا مطرداً. ويتعين أنْ تتيح هذه الاستراتيجيّة بكيفية تدريجية تجاوز الوضعية السلبية الحالية، وخلق دينامية جديدة من أجل تنمية دامجة وعادلة ومشروعة، على الصّعيديْن الجهوي والوطني.

اقرأ أكثر أقرأ أقل

تحميل التقرير

PDF
العربية
PDF
Français

تحميل الملخص

PDF
العربية
PDF
Français

قد تحظى باهتمامكم المواضيع التالية :

آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد الطبيعية (الموارد المائية والمقالع)
شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين "NEET": أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي ؟
من أجل مجتمعٍ متماسكٍ خالٍ من التسول