ASA-C2-102021-64-ar
يتناول رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بعنوان: «تثمين الرأسمال البشري في الوسط المهني»، والذي تم إعداده في إطار إحالة ذاتية، سبل مواكبة وتأهيل الرأسمال البشري حتى يرقى بمستوى مهاراته وكفاءاته وقدرته على الابداع وقابليته للتلاؤم مع متطلبات سوق الشغل.
يتناول رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بعنوان: «تثمين الرأسمال البشري في الوسط المهني»، والذي تم إعداده في إطار إحالة ذاتية، سبل مواكبة وتأهيل الرأسمال البشري حتى يرقى بمستوى مهاراته وكفاءاته وقدرته على الابداع وقابليته للتلاؤم مع متطلبات سوق الشغل.
إن هذا الرأي الذي تم إعداده وفق منهجية تشاركية، هو نتاج نقاشات موسعة بين مختلف الفئات المكونة للمجلس، وجلسات الإنصات المنظمة مع الفاعلين المعنيين بهذا الموضوع. كما تم إغناؤه بنتائج الاستشارة المواطنة التي أطلقها المجلس على المنصة الرقمية «أشارك» (ouchariko.ma).
لقد حظي الرأسمال البشري في المغرب خلال العقدين الأخيرين بأهمية خاصة بفضل تنزيل عدد من السياسات والبرامج التربوية والاجتماعية. وقد مكنت هذه الأخيرة من تحقيق تقدم في مجال التربية والصحة ومحاربة الفقر وتقليص الفوارق الاجتماعية وتحسين الدخل الفردي والاندماج الاقتصادي والاجتماعي وتعزيز الكفاءات وقابلية التشغيل.
غير أن هناك بعض أوجه القصور والهشاشة التي ما زالت قائمة والتي تعيق تحرير الإمكانات الكاملة لإنتاجية وإبداع الرأسمال البشري، مما يحد بشكل كبير من مساهمته في التنمية الاقتصادية وتعزيز القدرة التنافسية للبلاد. وتجدر الإشارة أن إنتاجية العمل بالمغرب تظل محدودة وتقدر ب 25.402 دولارا أمريكيا، خلال سنة 2019، ولا ترقى إلى المستويات المسجلة في بلدان مثل تونس (36.017 دولارا) ومصر (43.930 دولارا) وتركيا (82.049 دولارا).
ويمكن تفسير هذه الوضعية بهيمنة القطاع غير المهيكل والوظائف غير المؤهلة على التشغيل في القطاع الخاص وهيمنة العمل غير القار في العالم القروي. من ناحية أخرى، لا يزال الوسط المهني في الوظيفة العمومية، فيما يتعلق بالأجور والترقية، غير محفزة على الأداء والابتكار. كما أن التعلم مدى الحياة، وخاصة التكوين المستمر في الوسط المهني، يواجه العديد من الصعوبات على غرار ضعف التمويل والحكامة غير الملائمة، والرقمنة غير المكتملة وغيرها.
كما يواجه المغرب تحديا حقيقيا مرتبطا بقدرته على جذب المواهب والاحتفاظ بها. في هذا الصدد، صنف المؤشر العالمي لتنافسية المواهب، والذي يقيس قدرة الدول على جذب المواهب والاحتفاظ بها، المغرب في الرتبة 96 من أصل 133 بلد، وفي المرتبة الثانية من حيث هجرة الكفاءات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. من جهة أخرى، لا يجد الأشخاص المؤهلون فرص عمل لائقة ولا بيئة عمل مناسبة لتثمين مهاراتهم وتحفيزهم وضمان ارتقاء اجتماعي حقيقي لهم على أساس الاستحقاق.
اعتبارا للملاحظات والخلاصات التي انتهى إليها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإنه يرى أن على المغرب مواكبة تأهيل وتثمين الرأسمال البشري حتى يتمكن من بلوغ عتبة جديدة من التقدم وتطوير مؤهلاته بشكل مستدام، مشترك ومسؤول. في هذا الصدد، يوصي المجلس باتخاذ التدابير التالية:
- وضع منظومة طموحة لتطوير الكفاءات والتعلم مدى الحياة تمنح للأفراد إمكانية استدراك مسارهم التعليمي الأساسي واكتساب مهارات وكفاءات جديدة في تخصصات واعدة وتجديد رصيدهم المعرفي والمهني والانخراط في مسلسل التطوير والابتكار
- تطوير تدبير للموارد البشرية في جميع الأوساط المهنية، قائم على التقدير والتحفيز والجدارة والتقييم الشفاف للأداء والمواكبة
- توسيع منظومة التصديق على المهارات والمواهب المكتسبة من طرف الأشخاص سواء بشكل شخصي أو مهني خارج برامج التكوين الرسمية.
- مراجعة المساطر الحالية لتمويل عقود التكوين الخاصة من أجل تجاوز العراقيل والتعقيدات التي تثني المقاولات عن اللجوء لهذا النظام.
- إنشاء منظومة لحسابات التكوين الشخصية أو قسائم التكوين التي من شأنها، تحرير المُشغل من القيود المرتبطة بالإجراءات الإدارية لتخطيط التكوين وتسديد النفقات من جهة، ومن جهة أخرى، تقديم تشكيلة متنوعة من التكوينات للمستخدَم، تلائم مؤهلاته الشخصية وتطلعاته.
- اعتماد علامات اجتماعية تميز المقاولات التي تعتمد ممارسات جيدة في مجال العمل اللائق وتدبير وتثمين الموارد البشرية وعلى مستوى المسؤولية الاجتماعية للمقاولات (RSE).
- تعزيز وقاية العمال والعاملات من مختلف أنواع العنف والتحرش التي يتعرضون لها أثناء قيامهم بمهامهم، لاسيما العنف والتحرش والاستغلال الجنسي والمصادقة على الاتفاقية 190 لمنظمة العمل الدولية الخاصة بشأن القضاء على العنف والتحرش في أماكن العمل.
- فتح النقاش بين الفرقاء حول مستقبل العمل وتقنين الأنماط الجديدة من الشغل (العمل عن بعد؛ العمل المتقاسم؛ العمل عبر المنصات).