الصحة والسلامة في العمل: دعامة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية

ملخص

يقترح‭ ‬هذا‭ ‬التقرير،‭ ‬الذي‭ ‬صادقت‭ ‬عليه‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للمجلس‭ ‬بالإجماع‭ ‬خلال‭ ‬دورتها‭ ‬العادية‭ ‬116،‭ ‬المنعقدة‭ ‬بتاريخ‭ ‬26‭ ‬نونبر‭ ‬2020،‭ ‬بلورة‭ ‬رؤية‭ ‬كفيلة‭ ‬بجعل‭ ‬أماكن‭ ‬العمل‭ ‬آمنة‭ ‬وقادرة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الرفاه‭ ‬المهني‭ ‬للعاملات‭ ‬والعاملين‭ ‬وأداء‭ ‬أفضل‭ ‬مع‭ ‬تنافسية‭ ‬عالية‭ ‬للمقاولات‭. ‬

ويبرز‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬حوادث‭ ‬الشغل‭ ‬والأمراض‭ ‬المهنية‭ ‬تشكل‭ ‬آفة‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي‭ ‬حسب‭ ‬منظمة‭ ‬العمل‭ ‬الدولية‭ ‬بقرابة‭ ‬2‭.‬78‭ ‬مليون‭ ‬وفاة‭ ‬في‭ ‬السنة‭. ‬أما‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني،‭ ‬فإن‭ ‬تقديرات‭ ‬كلفة‭ ‬حوادث‭ ‬الشغل‭ ‬بالمغرب‭ ‬تبلغ‭ ‬4‭.‬25‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬من‭ ‬الناتج‭ ‬الداخلي‭ ‬الخام،‭ ‬حسب‭ ‬نفس‭ ‬المنظمة‭.‬

ووعيا‭ ‬منها‭ ‬بهذه‭ ‬الوضعية،‭ ‬اتخذت‭ ‬بلادنا‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬النهوض‭ ‬بالصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬في‭ ‬العمل‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬تنبغي‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬إعداد‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭-‬الإطار‭ ‬الخاص‭ ‬بالصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وهو‭ ‬المشروع‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يخرج‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬النور‭ ‬بعد‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬طرحه‭. ‬وتنبغي‭ ‬الإشارة‭ ‬أيضا‭ ‬إلى‭ ‬إحداث‭ ‬المعهد‭ ‬الوطني‭ ‬لظروف‭ ‬الحياة‭ ‬المهنية‭ ‬سنة‭ ‬2010‭ ‬وإعداد‭ ‬السياسة‭ ‬الوطنية‭ ‬والبرنامج‭ ‬الوطني‭ ‬للصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬2020‭-‬2024‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المبادرات،‭ ‬تعاني‭ ‬منظومة‭ ‬الصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬من‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬أوجه‭ ‬القصور‭. ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بضعف‭ ‬تطبيق‭ ‬مقتضيات‭ ‬مدونة‭ ‬الشغل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬عدد‭ ‬المقاولات‭ ‬التي‭ ‬تتوفر‭ ‬على‭ ‬لجنة‭ ‬السلامة‭ ‬وحفظ‭ ‬الصحة‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬17‭ ‬في‭ ‬المائة‭. ‬في‭ ‬حين‭ ‬تكاد‭ ‬تنحصر‭ ‬المصالح‭ ‬الطبية‭ ‬للشغل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المقاولات‭ ‬الكبرى‭ ‬والمقاولات‭ ‬المنظمة‭ ‬فقط‭.‬

ورغم‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬يتعين‭ ‬الإقرار‭ ‬بوجود‭ ‬أوجه‭ ‬نقص‭ ‬كبيرة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬ضعف‭ ‬ثقافة‭ ‬الصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وضعف‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬لحوادث‭ ‬الشغل‭.‬

اعتمادا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الملاحظات،‭ ‬قام‭ ‬المجلس‭ ‬ببلورة‭ ‬رؤية‭ ‬شمولية‭ ‬ومندمجة‭ ‬ومجموعة‭ ‬من‭ ‬التوصيات‭ ‬للنهوض‭ ‬بمعايير‭ ‬الصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭. ‬ويمكن‭ ‬تجميع‭ ‬هذه‭ ‬التوصيات‭ ‬حسب‭ ‬المحاور‭ ‬التالية‭:‬

على‭ ‬الصعيد‭ ‬التشريعي‭: ‬يتعين‭ ‬إصدار‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭-‬الإطار‭ ‬الذي‭ ‬أعد‭ ‬منذ‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬بعد‭ ‬تحيينه،‭ ‬ومراجعة‭ ‬مدونة‭ ‬الشغل‭ ‬والنظام‭ ‬الأساسي‭ ‬للوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬وباقي‭ ‬النصوص‭ ‬التشريعية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالحماية‭ ‬الاجتماعية‭.‬

على‭ ‬الصعيد‭ ‬المؤسساتي،‭ ‬يوصي‭ ‬المجلس‭ ‬بإصلاح‭ ‬منظومة‭ ‬الحكامة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬إحداث‭ ‬وكالة‭ ‬وطنية‭ ‬للصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬الهياكل‭ ‬والمكتسبات‭ ‬المنجزة،‭ ‬وستتكلف‭ ‬هذه‭ ‬الوكالة‭ ‬بوضع‭ ‬وتنفيذ‭ ‬سياسة‭ ‬وطنية‭ ‬للصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والإطار‭ ‬التشريعي‭ ‬الخاص‭ ‬بها‭. ‬

في‭ ‬مجال‭ ‬الحماية‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬يوصي‭ ‬المجلس‭ ‬بتوسيع‭ ‬النظام‭ ‬الإجباري‭ ‬للتعويض‭ ‬عن‭ ‬حوادث‭ ‬الشغل‭ ‬ليشمل‭ ‬الأمراض‭ ‬المهنية،‭ ‬وأن‭ ‬يناط‭ ‬تدبيره‭ ‬بالصندوق‭ ‬الوطني‭ ‬للضمان‭ ‬الاجتماعي‭.  

كما‭ ‬يوصي‭ ‬المجلس‭ ‬باتخاذ‭ ‬تدابير‭ ‬ملموسة‭ ‬للنهوض‭ ‬بثقافة‭ ‬الصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬التي‭ ‬تستدعي‭ ‬التكوين‭ ‬الأساسي‭ ‬والتكوين‭ ‬المستمر‭ ‬وحملات‭ ‬التوعية‭ ‬والتحسيس‭.‬

أخيرا،‭ ‬يوصي‭ ‬المجلس‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬الرقمنة‭ ‬والبحث‭ ‬العلمي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬النهوض‭ ‬بالصحة‭ ‬والسلامة‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭.‬