CESE

مواجهة السلوكات الإدمانية : واقع الحال والتوصيات  

مواجهة السلوكات الإدمانية : واقع الحال والتوصيات  

ASA-C3-122020-58-7109-ar

يتناول التقرير الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إطار إحالة ذاتية ظاهرة الإدمان في المغرب. يستعرض هذا التقرير التعاريف الدولية للإدمان، ويتناول تنوع أشكاله، ونطاق انتشاره ومدى خطورته في المملكة، ويقترح جملة من التوصيات المتعلقة بالحماية الاجتماعية، والصحة العمومية، وطب الشغل، وتحيين الإطار القانوني من أجل الارتقاء بجهود الوقاية من المخاطر المرتبطة بهذه الظاهرة المجتمعية وتقليصها وإرساء حماية أفضل من تداعياتها النفسية والصحية والاجتماعية والاقتصادية والمالية، سواء على الأفراد، وخاصة الشباب، أو على المقاولات والمجتمع بصفة عامة.

ملخص

 أشار المجلس في هذا الرأي أن العالم يشهد تنامياً للسلوكات الإدمانية، سواء تلك المرتبطة باستخدام مختلف المواد ذات التأثير العقلي والنفسي (التبغ، السكر، الكحول، المخدرات، وغيرها)، أو بممارسة أنشطة تنطوي على خطر إدماني كبير (ألعاب الرهان، ألعاب الفيديو، الأنترنت وغير ذلك).

وليست بلادُنا استثناءً عن هذه الوضعية، حيث تكشف دراسة مختلف مظاهر الإدمان أنها ظاهرة متفشية ومتعددة الأشكال. وفي هذا الصدد، تؤكد أحدث المؤشرات والمعطيات المتوفرة هذه الوضعية المثيرة للقلق:

  • يُقَدَّرُ حجم تعاطي المواد ذات التأثير النفسي والعقلي بـ 4.1 في المائة من عدد المستجوبين في إحدى الدراسات، ويناهز الاستهلاك المفرط للمخدرات والإدمان عليها 3 في المائة، كما يقدر الإفراط في استهلاك الكحول بـ 2 في المائة والإدمان عليها بـ 1.4 في المائة؛
  • يُقَدَّرُ عدد الأشخاص الذين يتعاطون المخدرات عن طريق الحُقَن بـ 18.500 شخص؛ مع تسجيل معدل انتشار مرتفع في صفوف الأشخاص المصابين بالالتهاب الكبدي «C» (57 في المائة) وكذا بداء فقدان المناعة المُكتسَبة (11.4 في المائة)؛
  • يوجد في المغرب زهاء 6 ملايين من المدخنين، منهم نصف مليون من القاصرين دون سن 18 سنة؛
  • يمارس ما بين 2.8 إلى 3.3 مليون شخص ألعاب الرهان، علماً أن 40 في المائة منهم معرضون لخطر الإدمان على اللعب؛
  • تنامي الاستخدام الإدماني للشاشات وألعاب الفيديو والأنترنت في بلادنا، وخاصة في صفوف المراهقين والشباب.

وتنجم عن كل هذه السلوكات الإدمانية انعكاسات خطيرة على الأشخاص المعنيين بها في سلامتهم النفسية وصحتهم الجسدية. كما أنها تشكل في الوقت نفسه، بالنظر لتكاليفها الباهظة وانعكاساتها التي قد تكون وخيمة جدا، معضلة حقيقية تلقي بظلالها على توازن العلاقات بين الأفراد وأسرهم وعلى دخلهم ومواردهم المادية، وعلى الوضعية الصحية والنفسية للمجتمع ككل، وبالتالي تكون لها تداعيات سلبية على إمكانات وديناميات التنمية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا.

وعلى الرغم من وضع القطاع الحكومي المكلف بالصحة لاستراتيجية وطنية لمكافحة الإدمان، تهم الفترة ما بين 2018 و2022، فإن السلوكات الإدمانية لا تحظى لحد الآن بالقدر الكافي من الاعتراف والتكفل بها من قبل هيئات الحماية الاجتماعية والتعامل معها بوصفها أمراضاً رغم إدراجها في قائمة منظمة الصحة العالمية. وعلاوة على ذلك، فإن السياسات العمومية في هذا المجال تظل غير كافية، في ظل هيمنة المقاربة الزجرية المرتكزة في محاربة الإدمان على إطار تشريعي متقادم ولا يوفر الحماية.

وبناءً على هذا التشخيص، يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي جملة من التوصيات، نذكر منها:

  • الاعتراف بالإدمان، سواء باستخدام مواد مخدرة أو ممارسة إدمانية، بوصفه مرضا يتطلب علاجا قابلا من الناحية القانونية للتكفل به من طرف هيئات الضمان والتأمين الصحي والحماية الاجتماعية؛
  • مراجعة الإطار القانوني المنظم للتغطية الصحية وتحيينه، بما يُمَكِّن من توضيح طبيعة اضطرابات الإدمان والتحديد الدقيق لتصنيفاتها المعتبرة أمراضاً تتطلب علاجات؛
  • مراجعة القانون الجنائي، بما يسمح من جهةٍ بالتطبيق الممنهج للمقتضيات القانونية التي تمنح متعاطي المخدرات الحق في الخضوع للعلاج، ومن جهة أخرى، العمل على تشديد العقوبات ضد شبكات الاتجار في المخدرات والمواد غير المشروعة؛
  • توجيه نسبة ثابتة من مداخيل الدولة (10 في المائة) التي يتم استخلاصها من الأنشطة المشروعة التي قد تسبب الإدمان (التبغ، الكحول، رهانات سباق الخيول، اليناصيب، الرهانات الرياضية) نحو العلاج والبحث والوقاية. والجدير بالذكر أن هذه المواد والخدمات تحقق رقم معاملات يبلغ أزيد من 32 مليار درهم، أي ما يمثل نحو 9 في المائة من المداخيل الجبائية للدولة و3 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي؛
  • الاعتراف القانوني باختصاص علم الإدمان وبالشهادة الجامعية الممنوحة في هذا المجال واعتماد الأنظمة الأساسية للمهن المرتبطة بهذا الاختصاص (المعالجون النفسيون، والمعالجون المهنيون، وغيرهم)، وذلك بما يُمَكِّن من تعزيز الموارد البشرية العاملة في هذا الميدان؛
  • تعزيز موارد المرصد المغربي للمخدرات والإدمان والعمل على التتبع والنشر المنتظم للمعطيات المتعلقة بانتشار الإدمان على المواد ذات التأثير العقلي والنفسي والإدمان على أنشطة معينة وأشكاله وآثاره وطرق التكفل به؛
  • إطلاق مخطط وطني للوقاية من الإدمان ومكافحته في الوسط المهني؛
  • إحداث هيئة وطنية للتقنين التقني والأخلاقيات ومراقبة أنشطة المؤسسات والشركات العاملة في مجال ألعاب الرهان، وذلك من أجل الوقاية من السلوكات الإدمانية والتصدي لها؛
  • تعميم الولوج إلى العلاجات البديلة للمواد «الأفيونية» على مستوى جميع المؤسسات السجنية وضمان إمكانية الولوج إلى العلاجات لفائدة أي شخص مدمن يبدي رغبة في ذلك.

تحميل الرأي

PDF
العربية
PDF
Français

تحميل التقرير

PDF
Français

تحميل الملخص

PDF
العربية
PDF
Français
PDF
English

قد تحظى باهتمامكم المواضيع التالية :

آليات منح التراخيص ومراقبة استغلال الموارد الطبيعية (الموارد المائية والمقالع)
شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين "NEET": أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي ؟
من أجل مجتمعٍ متماسكٍ خالٍ من التسول