
ASA-C1-032022-67-7218-ar
يتناول رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي موضوع المعادن ذات الصبغة الاستراتيجية و/ أو الحرجة بالنسبة للمغرب، مشدداً على سبيل الحصر على تحليل المنظومة المتعلقة بهذه الفئة من المعادن وتأثيرها على عملية التصنيع ودينامية التنمية في بلادنا، من منظور استشرافي.
يسلط رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي يحمل عنوان: «المعادن الاستراتيجية والحَرِجَة: قطاعٌ في خدمة السيادة الصناعية للمغرب» الضوءَ على الدور المحوري الذي يمكن أن تضطلع به المعادن الاستراتيجية والحرجة لتمكين بلادنا من تعزيز سيادتها الصناعية وتحقيق أهدافها في مجال الانتقال الطاقي والرقمي، مع الحرص على احترام المتطلبات الاجتماعية والبيئية لهذا القطاع.
وتحيل عبارتا «المعادن الاستراتيجية» و»المعادن الحرجة» على مفهومين مختلفين لكنهما مترابطان بشكل وثيق. وهكذا، يُصنَّف معدن معين بكونه استراتيجياً عندما يكون عنصراً لا غنى عنه لدعم السياسة الاقتصادية والطاقية والتكنولوجية والأمنية للدولة. أما المعادن الحرجة، فإنها تتسم بالإضافة إلى هذه الخصائص بهشاشة كبيرة لسلسلة توريدها.
وتختزن بلادنا مؤهلات وإمكانات معدنية هامة، مع وجود قطاع منجمي قادر على الصمود يساهم في الصادرات الوطنية بنسبة تفوق 25 في المائة من حيث القيمة، وفي الناتج الداخلي الإجمالي بحوالي 10 في المائة، فضلاً عن مساهمته في توفير ما يزيد عن 49.000 فرصة شغل. غير أن قطاع المعادن ببلادنا يواجه جملة من الإكراهات تعيق تطوير منظومة المعادن الاستراتيجية والحرجة يمكن إجمالها في إكراهين رئيسيين:
- مَواطن ضعف خاصة بالمعادن الاستراتيجية و/أو الحرجة تتعلق بالتوريد والتثمين: (أ) وجود نموذج يعتمد بالأساس على تصدير المنتجات المركزة والمواد الخام (باستثناء الفوسفاط والكوبالت)، مع ضعف الروابط البعدية مع قطاع الصناعة، (ب) الارتهان القوي بالواردات بالنسبة لمعظم المعادن الحرجة، (ج) مستويات عالية من التركيز الجغرافي لموردي العديد من المعادن الحرجة، لاسيما من البلدان التي تعرف تقلبات سياسية، (د) ضعف حصة إعادة تدوير النفايات المعدنية والصناعية وتثمينها.
- مَواطن ضعف عرضانية تعتري مجموع قطاع المعادن: (أ) محدودية حجم مناجم مختلف المعادن، باستثناء الفوسفاط، (ب) غياب تحفيزات جبائية خاصة بالأنشطة المنجمية، (ج) بطء المساطر المتعلقة بتدبير المخزون المعدني وطابعها المعقد، (د) الصعوبات المرتبطة بالولوج إلى التمويل الملائم، لا سيما بالنسبة للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة والمقاولات المنجمية الصغيرة (juniors).
وعلاوة على ذلك، تجدر الإشارة إلى أن السلطات العمومية الوصية لم تعلن بعد عن اللائحة الرسمية للمعادن الاستراتيجية والحرجة ببلادنا.
انطلاقاً من هذا التشخيص، يقترح رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لائحة أولية ذات طبيعة استكشافية تضم 24 معدناً استراتيجيا و / أو حرجاً بالنسبة للمغرب. وقد جرى إعداد هذه اللائحة ارتكازاً على منهجيةٍ تتلاءم مع السياق الوطني وتأخذ بعين الاعتبار التوجهات والخيارات القطاعية المستقبلية لبلادنا، لاسيما في إطار النموذج التنموي الجديد.
كما يقترح المجلس بالموازاة مع هذه اللائحة جملة من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في تأمين سلاسل توريد هذا الصنف من الموارد وتعزيز تثمينها، وذلك مع مراعاة المتطلبات الاجتماعية والبيئية.
وتنتظم التوصيات المقترحة حول عدة محاور ذات أولوية:
- تحسين الإطار الاستراتيجي والمؤسساتي المنظِّم للأنشطة المرتبطة بالمعادن الاستراتيجية والحرجة، لاسيما من خلال: (أ) وضع خارطة طريق خاصة بالمعادن الاستراتيجية والحرجة، (ب) الإسراع بالمصادقة على بعض النصوص التنظيمية، لاسيما تلك التي يتوقف عليها تفعيل لجنة المعادن الاستراتيجية، (ج) إحداث هيئة للاندماج بين قطاعي المعادن والصناعة، من أجل مأسسة التنسيق بين الفاعلين في القطاعيْن.
- تقليص المخاطر التي قد تواجه المستثمرين في قطاع المعادن وتحسين جاذبيته، من خلال اتخاذ الإجراءات التالية:
- وضع استراتيجية تمويل ملائمة للأنشطة المعدنية وهامش المخاطرة، خاصة بالنسبة للمقاولات المنجمية الصغيرة (juniors)؛
- إقرار إعفاء مؤقت من أداء الضريبة على الشركات لمدة خمس سنوات، على أن يدخل هذا المقتضى حيز التنفيذ ابتداءً من السنة الأولى للاستغلال الفعلي للمنجم؛
- تبسيط المساطر الإدارية الخاصة بمنح رخص البحث والاستغلال المنجمي.
- تأمين سلاسل توريد المعادن الحرجة والتخفيف من الارتهان بالمصادر الخارجية، من خلال اتخاذ التدابير التالية:
- تنويع مصادر التوريد الخارجية من المعادن الحرجة والعمل قدر الإمكان على إعطاء الأولوية للموردين من البلدان الأكثر استقرارا سياسيا؛
- إرساء تحفيزات ضريبية ومساعدات وإطار تنظيمي ملائم للنهوض بأنشطة البحث والتطوير والأنشطة الصناعية في مجال إعادة تدوير المعادن والبحث عن بدائل للمعادن الحرجة؛
- تكوين احتياطيات استراتيجية للمعادن الحرجة بالنسبة لبلادنا، ومضاعفة عمليات استغلال المناجم في الخارج، لا سيما في إفريقيا.
- تعزيز عملية التثمين الوطني للمعادن الاستراتيجية والحرجة من أجل ضمان تموقعٍ أفضل في سلاسل القيمة، وذلك من خلال:
- توجيه المستثمرين نحو مشاريع تثمين المعادن الاستراتيجية والحرجة، بما يتماشى مع الخيارات الاستراتيجية لبلادنا، لا سيما عبر إنشاء بنك للمشاريع الصناعية في المراحل البعدية لسلسلة إنتاج هذا الصنف من المعادن؛
- إعطاء الأولوية لصناعات التثمين البعدي للمعادن الاستراتيجية والحرجة على مستوى مجالات تدخل صندوق محمد السادس للاستثمار.
- تعزيز الطابع الدَّامج والمستدام لقطاع المعادن، لا سيما من خلال (أ) العمل، على مستوى جميع الفاعلين في قطاع المعادن، بما في ذلك المقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة والصغيرة، على تعميم احترام القواعد البيئية والاجتماعية وذات الصلة بالحكامة، (ب) تعزيز استقلالية الاستغلالات المنجمية من حيث التزود بالموارد المائية (إعادة تدوير الموارد)، (ج) إرساء آلية استشارة الساكنة المحلية في المناطق المنجمية طيلة المشروع إلى مرحلة ما بعد توقف استغلال المناجم، وغير ذلك.